عالم متوسطي جديد؟

وهناك جانبان مهمان فيما يتصل بالثورتين التونسية والمصرية، وسوف يشكل هذان الجانبان أهمية بالغة في تقييم فرص المتاحة لتجديد الاتحاد المتوسطي. ويتمثل الجانب الأول في الاستخدام الواسع النطاق والفعّال لوسائل الإعلام الاجتماعية في كلا البلدين، والذي كشف عن قدر مذهل من التطور التكنولوجي والإبداع بين الشباب. والأمر الأهم من ذلك أن هذا الجانب عَرَض ذلك المستوى غير المسبوق من الوعي السياسي والنشاط بين أبناء هذا الجيل. والواقع أن اختبار نجاح أي بنية متوسطية جديدة سوف يتلخص في الدرجة التي سوف تلبي بها في مختلف أنحاء المنطقة طموحات هذا الجيل الشاب الذي يتمتع بقدر عظيم من الوعي السياسي، وتتجاوب مع قدرتهم على التدقيق والتمحيص.
وللأسباب ذاتها، فإن الاتحاد المتوسطي الجديد من الممكن أن يعمل كإطار لحيوية أخلاقية جديدة، تستمد قوتها من نفس القيم العالمية التي حركت الشباب في تونس ومصر، وبلدان أخرى ـ الحرية، والمسؤولية الفردية والمساءلة، والشفافية، والتسامح، والتضامن مع الضعفاء والمقهورين، والعدالة، والمساواة بين الجنسين، وغير ذلك من حقوق الإنسان الأساسية والحقوق الديمقراطية. ولكن إلى متى قد يستمر الهاجس الأوروبي فيما يتصل بالأصولية الإسلامية في ضوء هذا الاتجاه الجديد العامر بالأمل؟ وإلى متى سوف نستمر في استخدام "المسألة الإسلامية" المزعومة كأداة لإلحاق الهزيمة بخصومنا السياسيين؟ إن العديد من الناخبين الأوروبيين الشباب، الذين ربما كانوا أفضل اطلاعا، لن ينظروا بعين العطف على الأرجح إلى مثل هذه التكتيكات الانتهازية.
وأخيرا، لا نملك إلا أن نأمل أن يكون مفهوم الانتماء إلى نفس الأسرة المتوسطية قادراً على جلب حلول جديدة للصراعات القديمة ـ على سبيل المثال، تقديم العلاج الشافي الذي يرغب في الحصول عليه كل من الفلسطينيين والإسرائيليين، والذي فشل النظام العربي البائد في تقديمه. ما كان فلاسفة التنوير العظماء ليترددوا في اعتناق الإجماع الأخلاقي الذي عبرت عنه المشاركات التي غمرت الفضاء الإلكتروني أثناء الثورة التونسية. فقد كانت العلمانية الأخلاقية في أفضل حالاتها من الشوارع الوعرة في سيدي بوزيد إلى شارع الحبيب بورقيبة المصقول المتألق في تونس. لقد تردد صدى هذا الشعور المتجدد بالانتماء إلى نفس الأسرة البشرية ونفس الكون الأخلاقي بقوة لدى الأوروبيين في منطقة البحر الأبيض المتوسط، والذين وجدوا في المطالبات والتوقعات الناشئة على الضفة المقابلة أصداءً لمطالبهم الخاصة وتطلعاتهم وتوقعاتهم التي لم تتحقق.
مصطفى التليلي
ترجمة: أمين علي
حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت 2011
مصطفى التليلي باحث في جامعة نيويورك، ومؤسس ومدير مركز جامعة نيويورك للحوارات، وعضو لجنة هيومن رايتس الاستشارية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
قنطرة
الاتحاد من أجل المتوسط:
تراجع في الطموحات وشكوك في تحقيق التوقعات
تعد إقامة المشاريع الانتقائية في مجالات البنية التحتية من أبرز مكونات "الاتحاد من أجل المتوسط"، لكن التحدي الأكبر يكمن في تنفيذ هذه المشاريع بعد فشل عملية برشلونة في تحقيق أهدافها التنموية والسياسية. وسيدعم تنفيذ هذه المشاريع عملية التنمية في بلدان الجنوب بشكل ينعكس إيجابيا على الأمن الأوروبي، مثلا من خلال الحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية. منصف السليمي في قراءة للتحديات التي تواجه الاتحاد.
الموقف الأمريكي من الثورات العربية:
أوباما العرب
يوضح كريستوفر هِل، مساعد وزير الخارجية الأميركية الأسبق لشؤون آسيا، في هذه المقالة الخطوط العامة العريضة التي يجدر بإدارة الرئيس أوباما اتباعها في تعاملها مع الثورات العربية التي ستجلب معها جيلاً جديداً من الزعامات في المنطقة العربية.
الثورات العربية والسلام في الشرق الأوسط:
هل تستطيع النهضة العربية أن تجلب السلام إلى الشرق الأوسط؟
يرى غسان ربيز، السكرتير السابق لمجلس الكنائس العالمي، أن الثورات في المنطقة العربية قد تشكل تجديداً لكل من الدينامية الإسرائيلية الفلسطينية وكذلك للسياسة الداخلية الفلسطينية، ما يشكل فرصة لإحلال سلام شامل في الشرق الأوسط.