"يجب أن نعيدهم الآن"

صورة شخصية لزوجين على الشاطئ، وهما يرتديان النظارات الشمسية
إيناف قُتلت وزوجها أور اختطف في 7 تشرين الأول/أكتوبر، بينما لا يزال شقيقه ميكائيل يناضل للتوصل لاتفاق بشأن الرهائن. الصورة: Picture Alliance / ASSOCIATED PRESS | Uncredited

أور ليفي اختطفته حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 من موقع مهرجان نوفا الموسيقي. وفي هذا الحوار يتحدَّث شقيقه ميكائيل عن أمله وخوفه من المستقبل، بينما يواصل حملته من أجل إطلاق سراحه.

الكاتب، الكاتبة : غوديث بوبه

قبل عام، اختُطف شقيقك أور ليفي من مهرجان نوفا. حيث قُتلت زوجته إيناف أمام عينيه بقنبلة من حماس. فكيف تغيَّرت حياتك منذ ذلك اليوم؟

أشعر طوال الوقت منذ ذلك الحين وكأنني أعيش حياة شخص آخر. وأحيانًا أنظر في المرآة ولا أتعرَّف على نفسي. حياتي كلها تغيَّرت تمامًا. وقبل ذلك كنت مديرًا في شركة عالمية ولكني لم أعد أعمل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وأنا أكافح على مدار الساعة، في كل يوم من أيام الأسبوع، من أجل تحرير شقيقي من أيدي حماس. وحتى عام مضى، كنت أتجنَّب الحديث أمام الجمهور. ولكني ألتقيت منذ عام بالعديد من رؤساء الدول والحكومات، ورؤساء الوزراء، والرؤساء، ووزراء الخارجية، وحتى البابا، لدرجة لم يعد بوسعي أن أتذكرهم جميعهم.

وأفعل كل ما أستطيع من أجل الضغط على المسؤولين الحكوميين لعقد صفقة تبادل والاهتمام بعدم نسيان ما حدث. وأقوم طوال الوقت بإجراء مقابلات، وحتى في قنوات مثل الجزيرة، التي لا تعتبر من كبار المعجبين بإسرائيل. فنحن نعلم من رهائن أطلق سراحهم أو حرَّرهم الجيش أنَّهم في غزة كانوا أحيانًا يسمعون أخبارًا وأنَّهم قد تمكنوا هنا وهناك من التقاط بعض الصور. وهذا هو سبيلي للوصول إلى أور، لأظهر له أنَّنا جميعًا نكافح ولن نستسلم. وأحيانًا أتوجه إليه مباشرةً، عبر الكاميرا أو الراديو، وأتمنى أن يرى ذلك.

مايكل ليفي في فعالية أقيمت لدعم رهائن حماس
ميكائيل ليفي، 41 عامًا، يعيش في غني تيكفا في وسط إسرائيل. حتى 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كان يعمل مديرًا في شركة دولية قبل أن يتفرغ لتحرير شقيقه.

ألموغ ابن أور بلغ ثلاثة أعوام فقط العام الماضي، ويعيش منذ السابع من أكتوبر/تشرين الثاني 2023 مع جدته وجده. فهل يفهم ما يحدث؟

أنا لست متأكدًا مما يفهمه، ولكنني أعلم أنه يفتقد أباه وأمه. وفي الأسابيع والأشهر بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، كان يسأل عنهما مرارًا وتكرارًا ويبكي. أما اليوم فيتحدث عنهما أحيانًا، ولكنني لست متأكدًا مما يتذكره. فهو عاش حتى الآن ثلث حياته تقريبًا من دون والديه. وعندما نعرض عليه صورًا للجميع، ولوالده أيضًا، يعتقد أحيانًا أنَّه أنا. ولكن قبل بضعة أسابيع، ذهب معه شقيقي الآخر إلى الشاطئ، كما كان يفعل معه أور وإيناف كثيرًا قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وسأل فجأة عندما رأى الشاطئ: "هل تعتقد أنَّ بابا سيعود حقًا؟". وبالنسبة لنا كان ذلك دليلًا على أنَّه يتذكر تلك الأيام.

هل أنت متأكد من أنَّ أور ما يزال على قيد الحياة؟

أنا أعلم أنَّه اخُتطف حيًا ولم يصب بأذى. ولدينا مقطع فيديو يظهر ذلك، والجيش يفترض أنَّه على قيد الحياة. ولذلك ليس لدينا أي سبب للاعتقاد بشيء مختلف. وأود القول إنَّني أشعر بذلك، ولكنني أتساءل أحيانًا إن كنت أتخيَّل ذلك أم أنَّه شعور حقيقي. وأحاول الحديث إليه وأرسل له القوة.

أصبحتَ منذ ذلك الحين تسافر كثيرًا للخارج.. كيف يؤثر ذلك على أسرتك؟

إذا جمعت كل ذلك، فمن المحتمل أنني كنت لنصف عام مسافرًا في الخارج. وكثيرًا ما يضاف إلى ذلك الفارق الزمني، وعندئذٍ يصبح من الصعب الحديث مع أسرتي عبر الهاتف. وغالبًا ما يزيد حزن بناتي أكثر عندما أكون مسافرًا ونتحدث عبر الهاتف. فهن ما يزلن صغيرات، أكبرهن في العاشرة من عمرها، والأختان التوأم في السابعة. وجميعهن لديهن مشاكلهن الخاصة ويحتجن إلي. ولكن حتى عندما أكون معهن، أكون موجودًا جسديًا، ولكن رأسي في مكان آخر. وأحاول أن أكون حاضرًا بقدر ما أستطيع، ولكن ذلك صعب.

أجريت زيارات كثيرة مؤخرا بينها إلى الولايات المتحدة الأمريكية أيضًا. فهل تعتقد أنَّ واشنطن ستمارس الضغط الكافي على بنيامين نتنياهو من أجل التوصل في النهاية إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن؟

أعتقد أن هذا السؤال يعكس إلى حد ما المشكلة التي أراها داخل المجتمع الدولي. وذلك لأنَّ إسرائيل والحكومة الإسرائيلية ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتعرَّضون بالفعل لضغط كبير. ويجب أن يتعرضوا للضغط أيضًا، ونحن كعائلات الرهائن نضغط عليهم. لكنّ المجتمع الدولي ينسى أمرًا مهمًا: الطرف الآخر. وطالما بقينا نفترض أنَّ حماس ستوافق ببساطة على أية صفقة تُطرح على الطاولة، فلن يتغيَّر شيء.

وبما أنَّ المجتمع الدولي لا يمارس الكثير من الضغوط على حماس فهذا يرجع بالتأكيد إلى حقيقة أنَّه لا يستطيع الحديث إلى حماس مباشرة، بل فقط عبر وسطاء. وأعتقد أنَّ هؤلاء الوسطاء، وخاصة قطر، يلعبون لعبة مزدوجة. فهم يتحدَّثون إلى العالم الغربي ويموِّلون حماس. ويدعون قادة حماس يعيشون في الدوحة كملوك. ولا يمكنهم في الواقع أن يكونوا وسطاء صادقين - ولكن هذا ما لدينا وما يجب علينا التعامل معه الآن.

في رأيي، يجب ممارسة مزيد من الضغط على قطر. ولكن قطر تلعب دورًا ضخمًا في عالم الأموال الدولي. يُموّل القطريون بعضًا من أكبر الجامعات في الولايات المتحدة الأمريكية، ويمتلكون فرقًا لكرة القدم، وفي ألمانيا يمتلكون 17 بالمائة من شركة فولكس فاغن. وأعتقد أنَّ المجتمع الدولي يتراجع لهذا السبب عن ممارسة الضغط على قطر. ولكن هذا هو بالضبط ما يجب أن يحدث.من الواضح أنَّ الأمر يتعلق بالسياسة، ولكنه بالنسبة لي لا يتعلق بذلك في الواقع: بل يتعلق بشقيقي الصغير، الذي أريد إعادته إلى المنزل.

ومن أجل ذلك تتظاهرون كل أسبوع، وحتى ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

توجد هنا مظاهرتان مختلفتان: مظاهرة أهالي الرهائن ومظاهرة معارضي الحكومة. ومعظم أهالي الرهائن ليسوا ضد الحكومة وليسوا ضد نتنياهو. وبكل صراحة: أنا سأعمل مع أي شخص على استعداد لإعادة أخي. وسأتعاون حتى مع يحيى السنوار إذا كان ذلك يعيد شقيقي. أتعلمون، بغض النظر تمامًا عن آرائي السياسية وآراء عائلات الرهائن الأخرى: لا يوجد لدينا وقت لننتظر حكومة جديدة. يجب علينا أن نعيدهم الآن.

غرفة صغيرة بها نافذتان، تحتهما سرير مغطى بالبلاستيك
يشهد سرير الزوجين في جفعتايم في إسرائيل على الفراغ الذي تركته جرائم حماس في حياة العديد من الإسرائيليين. الصورة: Picure Alliance / ASSOCIATED PRESS | O. Balilty

الوضع يتصاعد في جميع أنحاء المنطقة، وخاصة في لبنان. وشنت إسرائيل هجمات عبر أجهزة البيجر التي يستخدمها حزب الله، وقتلت زعيمه حسن نصر الله، وبدأت الآن هجومًا بريًا في جنوب لبنان. فهل يقلقكم هذا التصعيد؟  

أتعلمون، لقد كنت سعيدًا لسماع أنَّ تنظيم حزب الله الإرهابي، الذي يهدف إلى تدمير إسرائيل، قد تعرَّض لضربة قوية وبات يضعف مع كل ثانية. ومن ناحية أخرى، أعتقد أنَّ هذه هي المرحلة الأولى فقط. والمرحلة التالية يجب أن تكون حلًا دبلوماسيًا للمشكلة الإسرائيلية/الفلسطينية برمتها. ولكن أي حل يمكن أن يبدأ فقط بعد عودة الرهائن. ويجب أن يفهم المجتمع الدولي ذلك أيضًا. ولن تنته هذه الحرب قبل عودة الرهائن إلى وطنهم.

ماذا ستفعل في الذكرى السنوية لأحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول؟

أنا أدرك رمزية هذا التاريخ. وأنا سعيد لأنَّ اهتمام وسائل الإعلام بالرهائن سيتضاعف مرة أخرى. فقد كان ذلك مختلفًا تمامًا قبل شهر أو شهرين. ولكن في الوقت نفسه، السابع من أكتوبر/تشرين الأول يعتبر بالنسبة لي مجرد يوم آخر من أيام الكفاح. وفي الواقع أنا لا أشعر بأنَّ عامًا تقريبًا قد مضى خلفنا. وبالنسبة لي يبدو هذا العام وكأنَّه يوم طويل للغاية ورهيب جدًا.

هذا الحوار يُنشر أيضًا باللغة العربية. ما رسالتك إلى القرَّاء العرب؟

أنا لا أكره أحدًا. ولا أريد لأحد أن يعاني. وأكره أن أشاهد الناس يعانون في غزة أو لبنان أو في إسرائيل أو أي مكان آخر من العالم. وأريد لبناتي أن يكبرن في سلام. وأريد أن تنتهي الحرب. ولكن يجب علينا أن نفهم أيضًا أنَّ المُتسبٍّبين بذلك تنظيمات مثل حماس وحزب الله، ومن خلفمها إيران بدورها. وطالما أنَّ الناس لا يقاوموا ذلك وطالما يوجد رهائن في غزة، فلن يتغيَّر شيء. ليس في صالحنا كإسرائيليين وليس في صالح الدول العربية، لأننا سنعاني جميعًا.

قنطرة 2024