حفتر...مشروع إسقاط الإسلام السياسي في ليبيا




وسرعان ما انضم إلى عملية "الكرامة" عداد متزايدة من عسكريين ومتطوعين. وصار العقيد حفتر المنقذ المنشود في نظر الغالبية الساحقة في المنطقة الشرقية على الأقل. وبضغط من أنصاره في مجلس النواب وأعيان وشيوخ القبائل ودعم قادة محاور القتال، قام رئيس مجلس النواب بصفته القائد الأعلى بتعيينه قائدا عاما للجيش وترقيته إلى رتبة فريق وفيما بعد إلى رتبة مشير. بالمقابل، في طرابلس ومصراتة في غرب البلاد تحالفت الميليشيات الإسلامية لمجابهة مشروع الجنرال حفتر الذي نجح، مستفيداً من دعم مصر والإمارات، في القضاء على الميلشيات الإسلاموية في بنغازي وكامل إقليم برقة ما عدا جيبهم الصغير في مدينة درنة الصغيرة. إسقاط مشروع الإسلام السياسي عبر المؤسسة العسكرية
وسيطرت قواته على موانئ تصدير النفط فأصبح كما تصفه صحيفة لوموند "رجل برقة القوي" وهو الذي يسعى أن يكون رجل ليبيا القوي بعد توحيد المؤسسة العسكرية والسيطرة على العاصمة طرابلس بواسطة مجلس عسكري مؤقت يشرف على مرحلة انتقال سياسي جديد لكن مرضه المفاجئ والتكتم على وضعية حالته الصحية أثار تساؤلات وجدلاً عاماً في الشارع الليبي حول مصير حركته العسكرية (عملية الكرامة) المحمولة على مشروع سياسي لحكم ليبيا؟! وهل ستستمر الدول الداعمة له (مصر، الإمارات، فرنسا...) في دعم خليفته؟! ومن قد يخلفه؟!. من الواضح لي كمراقب للأحداث من داخل المنطقة الشرقية أن غيابه عن المشهد سوف يُحدث فراغاً في تماسك أركان القيادة العامة للجيش بالنظر إلى شخصيته الكاريزمية القوية وعلاقاته الوثيقة بحلفائه الإقليميين (مصر والإمارات) والدوليين (فرنسا وروسيا). كما أن مشروعه العسكري (عملية الكرامة) للقضاء على الإرهاب وإسقاط مشروع الإسلام السياسي بإحكام سيطرة المؤسسة العسكرية الموحدة على البلاد لن يكون بعد غيابه كما هو عليه في وجوده، فهو مشروع مشخصن فيه من مؤيديه وخصومه على السواء.مؤيدوه طوّبوه في صورة "القائد المنقذ" لدرجة الوقوع في طقوس "عبادة الشخص"، بينما شيطنه خصومه الإسلاميون في صورة "قذافي جديد" يقود ثورة مضادة لـ"ثورة 17 فبراير" التي يعتبرون أنفسهم ثوارها الحقيقيين وأولياء الله عليها. وهم يعتقدون أن غياب الجنرال القوي سوف يُعجِّل بتحقيق توافق سياسي جامع يضمن لهم نصيب الأسد من السلطة.
أما في معسكر الجنرال الغائب فتوجد مخاوف جدية من تفجَّر الخلافات بين القيادات العسكرية في شرق البلاد وجنوبها على أحقية خلافته. علاوة على الأخبار المتداولة عن التدخل المصري-الإماراتي في فرض خليفة مرضي عنه. وفي كل الأحوال ورغم ما قد يحدث من مجابهات مسلحة، وربما عمليات اغتيال متبادلة هنا وهناك، في أجواء الصراع على الخلافة، فإن المؤكد، من خلال قراءتي اللصيقة بالأحداث، أن الأمور لن تتطور إلى احتراب عسكري شائك يتخذ شكلاً قبلياً لأن النسيج الاجتماعي القبلي في برقة شديد التماسك على مرِّ التاريخ وأصبح ينبذ الجماعات الإسلاموية لتفردها بالسلطة وممارساتها الإرهابية. لذلك في تقديري سوف يتم، في حالة غياب الجنرال حفتر، تعيين قائد جديد للجيش معتمد من مجلس النواب في طبرق. وسوف تكون المعركة التالية اقتحام مدينة درنة وتحريرها من آخر الميليشيات المتأسلمة في شرق البلاد. فرج العشةحقوق النشر: موقع قنطرة 2018ar.Qantara.de