كتب تعيد لأطفال العرب في ألمانيا جزءا من وطنهم



تهدف مجموعة الكتب المختارة إلى تشجيع المكتبات ورياض الأطفال والمدارس على اقتناء كتب للأطفال باللغة العربية. ومن المفترض لهذه الكتب أن تعيد للأطفال، الذين فقدوا كلَّ شيء أثناء هربهم إلى ألمانيا، جزءًا صغيرًا من وطنهم وأن تدعمهم في تطوير لغتهم. في الأعوام الأخيرة تطوَّرت كتب الأطفال العربية تطوُّرًا كبيرًا. فقد تحسَّن مستوى اللغة والرسومات التوضيحية والإنتاج، مثلما تقول الناشرة والمؤلفة اللبنانية نبيهة محيدلي في معرض كتب الأطفال. لقد كانت دار نشرها "الحديقة"، والتي تأسَّست في بيروت عام 1987، أوَّل دار نشر في العالم العربي كانت تنشر فقط كتبًا للأطفال والناشئين. ازدهار كتب الأطفال في العالم العربي تنشر نبيهة محيدلي أعمالًا لمؤلفين من مصر وسوريا وعُمان والبحرين وتونس. تقول الناشرة نبيهة محيدلي: "تشهد كتب الأطفال ازدهارًا منذ عام 2012 في العالم العربي". وتضيف أنَّ التقديرات والجوائز الجديدة الممنوحة للمؤلفين، وخاصة في دولة الإمارات، وكذلك برنامج مؤسَّسة آنا ليند الألمانية، أدَّت إلى خلق هذا الاهتمام المتزايد. وبحسب قولها فقد تأسَّست دور نشر جديد لكتب الأطفال خاصة في لبنان والإمارات والأردن. وعلى الرغم من أنَّ الكتب المعروضة للأطفال والناشئين لا تزال أقل، ولكن بات يوجد الآن هنا أيضًا مؤلفون يتناولون حياة الناشئين العرب وتتم تبعًا لذلك قراءة أعمالهم بكلّ سرور، مثلما تقول. وكمثال على ذلك ذكرت الكاتب الجزائري أحمد السبياع مع روايته "سوق السعادة"، والكاتبة الفلسطينية المقيمة في رام الله، ميس داغر مع كتابها "الشِّلَّة". ومع ذلك لا تزال طبعات كتب الأطفال صغيرة بالمقارنة مع عدد الناطقين باللغة العربية. وعلى العموم فإنَّ الناس في المنطقة العربية يقرؤون قليلًا بالمقارنة مع أجزاء أخرى من العالم. يمثِّل التوزيع مشكلة رئيسية بالنسبة للناشرين العرب. وبسبب عدم وجود موزعين، فإنَّ تسويق الكتب في المنطقة العربية يتطلب مجهودًا كبيرًا ويعتبر باهظ الثمن. وحول ذلك تقول نبيهة محيدلي: "أهم زبائننا المدارس الخاصة". تقول نبيهة محيدلي إنَّ الأطفال في جميع أنحاء العالم يحبُّون القصص ذاتها. وعلى الرغم من ذلك فإنَّ السياق الاجتماعي، الذي تُكتب فيه القصص، يلعب دورًا، مثلما تقول. لقد تغير هذا السياق وتغيَّر معه تصميم كتب الأطفال والناشئين.[embed:render:embedded:node:23879]تناول موضوعات جديدة بينما كانت الكتب -الموجَّهة تربويًا وذات الأهداف التعليمية والتربوية- لا تزال تحتل مكان الصدارة قبل نحو عشرين عامًا، بات ينصب الاهتمام اليوم في المقام الأوَّل على الكتب المروية بشكل جيِّد والمزيَّنة برسومات جميلة. وكذلك لم يعد العالم في كتب الأطفال وردي اللون. أصبح يتم اليوم تناول موضوعات جديدة، مثلما هي الحال مثلًا في كتاب "علياء والقطط الثلاث" للكاتبة المغربية أمينة الهاشمي العلوي. يتحدَّث هذا الكتاب حول الحمل والولادة، وهذا أمر جديد بالنسبة للعالم العربي. ولم يعد الإهمال ومشكلات المراهقة والخلافات الأسرية من المحرَّمات. فعلى سبيل المثال تروي الشاعرة والكاتبة اللبنانية لوركا سبيتي (ولدت عام 1979) في كتابها "لي بدل البيت بيتان" قصة انفصال مؤلمة من وجهة نظر الطفل. لقد تغيَّر دور الأمهات أيضًا. وحول ذلك تقول نبيهة محيدلي: "الصورة النمطية عن الأب الذي يقرأ الجريدة بينما تقوم الأم بطهي الطعام، لم تعد موجودة اليوم بهذا الشكل في كتب الأطفال". وهكذا فإنَّ كتب الأطفال هي أيضًا مرآة المجتمعات العربية المتغيِّرة. لغة بصرية خاصة لقد تطوَّرت في الرسوم لغة بصرية خاصة، مثلما يقول الرسام المصري وليد طاهر. وبحسب تعبيره فقد نشأت خاصة في مصر مدرسة من رسامين تمكَّنوا من تحرير أنفسهم من النماذج الإيطالية والفرنسية. أمَّا الصراعات الحالية في المنطقة العربية فتكاد لا تنعكس في كتب الأطفال، باستثناء قصة "القطة المهاجرة" للكاتب السوري جيكر خورشيد، الذي يعيش في منفاه في مدينة لاهاي الهولندية. يتحدَّث هذا الكتاب بلسان بطلته القطة حول العنف والدمار واللجوء.[embed:render:embedded:node:26755]في يوم شتوي هادئ يدفع إعصار القطة "ميرا" إلى خارج المدينة. وأثناء هربها، تصل إلى مدينة الكلاب وبلاد التماسيح والفيلة والقنافذ: لا تجد ترحيبًا في أي مكان. وفقط عندما تلتقي بالهدهد، يمكنها أن تجد شيئًا يشبه الوطن. من المفترض أن يجد الأطفال أبناء الأسر العربية، الذين ينشؤون الآن في ألمانيا، وطنًا في كتب الأطفال القادمة من ثقافتهم. وقد طلبت مكتبة مدينة ميونخ نسختين من جميع الكتب الموصى بها. كلاوديا ميندهترجمة: رائد الباشحقوق النشر: موقع قنطرة 2018ar.Qantara.de