كاتب يهودي من منظور عربي



وبناءً على المقارنة بين القراءات المتباينة لرواية فرانتس كافكا "بنات آوى وعرب" يكشف عاطف بطرس النقاب عن التركيبات المختلفة للصهيونية وإلى "المناظير" المتنوعة التي استُخدِمَت لمعاينة "ما هو يهودي" في أعمال كافكا، فبحسب تحليل عاطف بطرس يُبصِر المراقبون الأوروبيون بالضرورة تاريخًا يهوديًا عربيًا وصراعًا يهوديًا بسبب ما حدث في المحرقة النازية، بينما تنطلق المراجعات العربية أيضًا بالضرورة من الصراع الإسرائيلي العربي ومن الهزائم العربية الناتجة عنه، فأفرز استخدام هذه "المناظير" قراءات متباينة لأعمل كافكا أفضت نتائجها للقول بأن كافكا إما صهيونيٌ أو مناهضٌ للصهيونية. وهنا يقترح عاطف بطرس قراءةً مختلفةً لموقف كافكا السياسي قائلاً بضرورة الفهم العميق للسياق الذي فَرَضَ آنذاك على الكاتب اليهودي اتخاذ مواقفه في إطاره، وذلك لكي يتمكن المراقب من تخطي الصورة الأحادية ذات اللون الأسود أو الأبيض.
الصراع الشرق أوسطي
هذا يعني على المستوى المجرد أننا أمام نظرة مختلفة إلى الصراع في الشرق الأوسط، يطالب فيها عاطف بطرس بمعاينةٍ نقديةٍ وببحثٍ إضافيٍ في "المناظير" التي تؤثر على رؤية الآخر، وذلك من أجل الوصول إلى فهمٍ أفضل للصراع المعقد. وبشكلٍ رائع يفتح عاطف بطرس مدخلاً فطنًا لفهم الصراع في الشرق الأوسط، وتحديدًا عبر هذه التعددية في الأبعاد في عمله التي تُمكِّن الكاتب من الانتهاء بتحليله العلمي العميق للقراءة العربية للكاتب اليهودي كافكا إلى المناشدة والرغبة العاطفيتين بأن: "يندم أخيرًا كل أطراف النزاع ...، هذا سوء فهم، سوف يؤدي بنا جميعًا إلى الهلاك".
الكتاب موجَّه إلى القارئ المتخصص وإلى القارئ المهتم على السواء، كما أنه لافتٌ جدًا بسلاسته وشرحه الواضح لعمليات القراءة المعقدة. أما وضع البحوث الواردة في الكتاب ضمن معاينة تاريخ الفكر العربي في القرن العشرين فتجعل من العمل مفهومًا حتى لمن ليس لديه معرفة عميقة مسبقة بالموضوع، بينما تفتح قائمة المراجع الشاملة لقراءة كافكا عربيًا مجالاً لمواصلة البحث العلمي في الموضوع، وقد جاء هذا نتيجةً لجهد عاطف بطرس الدءوب في الاشتغال على المراجع والمصادر.
ختامًا، لا يمكن تصنيف كتاب "كافكا، كاتبٌ يهوديٌ من منظورٍ عربي" بكلمةٍ واحدة، فهذا التحليل الدقيق المركَّب لعمليات القراءة العابرة للثقافات والعمل العلمي الأدبي المفصَّل والمبني على معرفة تاريخية جذرية هو في نفس الوقت مناشدة مقبولة ومتلهفة لرؤية الصراع في الشرق الأوسط بشكلٍ جديد. وبغض النظر عن الجانب الذي يريد المرء التركيز عليه وإبرازه تبقى قراءة الكتاب مثمرةً في كل الأحوال.
يوليان تانغيرمان
ترجمة: يوسف حجازي
مراجعة: هشام العدم
حقوق النشر: قنطرة 2010
عاطف بطرس: "كافكا، كاتبٌ يهوديٌ من منظورٍ عربي" Atef Botros: Kafka, ein jüdischer Schriftsteller aus arabischer Sicht . www.reichert-verlag.de
قنطرة
اليهود العرب والأدب العربي:
اللغة والشعر والهويّة المتفرّدة
يبدو تصوّر الهويّة اليهودية-العربية المشتركة متعذّر اليوم بحكم الوضع السياسي القائم في الشرق الأوسط، بيد أنها كانت حقيقة واقعة قبل الحرب العالمية الثانية، كما هي الحال مع الهويّة اليهودية-الألمانية. شهود هذه الهويّة اليهودية-العربية الممتزجة هم اليهود الناطقون باللغة العربية وشعراؤها.
قصص للكاتبين سمير نقاش وشالوم درويش:
نحيب يهودي-عراقي أخير
"إرحل عن الوطن وعن أرض أجدادك" مجموعة قصصية لكتاب مهاجرين يهود-عراقيين في إسرائيل. هؤلاء الكتَّابُ المنحدرون من أصول كهذه معرضون لكل التجاذبات الموجودة لأن مواقفهم لا تتلاءم مع نمط الدولة القومية السائد. مراجعة بقلم أندرياس بفليتش.
التصوف اليهودي والإسلامي:
على خطى الصوفية بعباءة يهودية
أحدث الصراع في منطقة الشرق الأوسط فجوةً عميقةًً بين اليهود والمسلمين. بينما يُنسى أن هاتين الديانتين قد أغنت بعضها بعضًا في الفلسفة والتقاليد الروحانية على مدى عدة قرون من الزمن. نيمت شكر تلقي الضوء على جوانب تأثير الإسلام الصوفي على التصوف اليهودي.