ليبيا وسيد الذباب!
كما باءت بالفشل الجهود التي بذلها أحمد قذاف الدم وسعيد رشوان ، القائدان البارزان في صفوف النظام ولجانه الثورية ، حينما زارا مصر في محاولة لتجنيد القبائل المصرية ذات الفروع الليبية بهدف شن هجوم على الشرق الليبي الذي تحرر من القذافي من صحراء مصر الغربية . فقد رفضت قبائل أولاد علي وغيرها من القبائل في مصر الرشاوى السخية التي عُرِضَت عليها – أيضاً في موقفٍ مشرفٍ سيذكره لهم التاريخ . غير أن موقف وزارة الخارجية المصرية – تحت أحمد أبو الغيط - أثار خيبة أمل المصريين والليبيين على السواء. فلم يعد مفهوماً من الذي سمح لقذاف الدم و رشوان بالتحرك للقاء قادة القبائل و محاولة رشوتهم ، و من الذي سيحاسبهما على جريمتي الرشوة و محاولة تجنيد "مرتزقة" من مصر – و هما جريمتان يعاقب عليهما القانون المصري.
و يرى البعض أن مؤسسات المجتمع المدني في ليبيا لم تبلغ من الخبرة القدر الذي بلغته المؤسسات المصرية والتونسية ، ولذلك يخلصوا إلى أن سقوط القذافي قد يؤدي إلى اندلاع حرب قَبَلية. ويفوت هؤلاء الكثير من الحقائق، و منها أن الدروس المستفادة من الصراع الدامي الذي اندلع في العراق بعد سقوط صدّام قد استوعبت إلى حدٍ كبير في مختلف أنحاء العالم العربي. وقد أصبح ما أبداه الشباب التونسي والمصري من تفانٍ ونضجٍ و صلابةٍ نموذجاً لغيرهم من الشباب العرب الباحثين عن استعادة حريتهم وكرامتهم من حكام سلبوهم ذلك لسنوات طويلة . وستمر الأيام و يثبت الشعب الليبي للعالم أنه أكثر نضوجاً وتمرساً على الصعيد السياسي مما يعتقد العديد من المراقبين .
مسؤولية المجتمع الدولي
إن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية قانونية أساسية إزاء ليبيا. والواقع أن أسماء هؤلاء الذين تزعموا القوات المسؤولة عن عمليات القتل التي حدثت في ليبيا معروفة جيدا. وقد تم وضع جنرالات وعقداء القذافي فضلاً عن القذافي نفسه وأنجاله على قوائم مراقبة دولية، و شملهم قرار مجلس الأمن رقم 1970 الخاص بالعقوبات على نظام القذافي . كما أحالت الأمم المتحدة ملف المجازر إلى المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق . و إذا صدرت بحق القذافي و أركان نظامه مذكرات توقيف دولية ، فإن العديد من أتباعهم سيفكرون مرتين قبل أن يأمروا جنودهم بإطلاق النار على محتجين أو قصفهم . و سيكون القرار رادعاً لبقية الأنظمة القمعية المستولية على السلطة في البلاد العربية – بمن فيهم من تبقى من نظامي مبارك و بن علي في سدة الحكم بمصر و تونس – إن قرروا الشروع في قمع و قتل معارضيهم مرة أخرى.
كان الغرب على علم بعمليات إرهابية وجرائم ضد الإنسانية ارتكبها نظام القذافي لعقود من الزمان، وأبرزها مذبحة أبو سليم في يونيو عام 1996، حيث قُتِل أكثر من 1200 مسجون سياسي رمياً بالرصاص بعد احتجاجهم على ظروف السجن. ورغم ذلك فلم يُجرَ أي تحقيق دولي، ويرجع ذلك في الأساس إلى تفوق المصالح النفطية على الغضبة الأخلاقية. إن الواجب يملي على المجتمع الدولي حماية الليبيين من مذبحة أخرى. وحتى الآن تلفظ زعماء أوروبا وإدارة أوباما بكل الكلمات المناسبة ، و أصدر مجلس الأمن القرارت المناسبة. وقد حان وقت الآن لتحركات ملموسة للمجتمع الدولي لانقاذ ليبيا من براثن القذافي و أعوانه.
عمر عاشور
ترجمة: إبراهيم محمد علي
حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت 2011
د. عمر عاشور أستاذ محاضر في سياسة الشرق الأوسط، ومدير برنامج الدراسات العليا في سياسة الشرق الأوسط لدى معهد الدراسات العربية والإسلامية بجامعة إكستر (المملكة المتحدة)، ومؤلف كتاب "تحولات الحركات الإسلامية المسلحة".
قنطرة
ثورة الشعب الليبي على نظام القذافي:
هل يفرغ القذافي طرابلس قبل رحيله؟
يرى الكاتب جورج سمعان أن القذافي يتصرف في هذه اللحظة كأنه لا يملك البلاد وثرواتها فحسب، بل يملك ناسها أيضاً، مطالبا بفرض منطقة حظر طيران فوق طرابلس والضغط على بعض دول الجوار لمنع وصول المرتزقة الذين يمكن أن يطيلوا عمر النظام ويدخلوا البلاد في تجربة تهدد وحدتها.
حوار مع المفكر العربي وأستاذ علم الاجتماع السياسي برهان غليون:
"القبليَّة والتطرف فزَّاعة القذافي للاستمرار في الحكم "
يرى برهان غليون المفكر العربي وأستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة السوربون في باريس، أن نظام القذافي هو من خلق حالة الفوضى وأطلق فزَّاعتي الانقسام القبلي والتشدد الإسلامي بهدف مواصلة سيطرته على الشعب الليبي وحكمه قهرا لمدة 42 عاما. منصف السليمي في حوار مع المفكر برهان غليون.
أربعون عاما على تولي معمر القذافي مقاليد الحكم في ليبيا:
القذافي… عالم من التناقضات ورجل الأضواء والمفاجئات
لقد فاقَ معمر القذافي الجميع تقريباً فيما يتعلق بطول فترة حكمه، إذ يحكم الآن فترة أطول مما حكم كل الحكام الطغاة في القرن العشرين، وفترة أطول من كافة الحكام العرب الآخرين، ومن كل سياسي منتخب ديمقراطياً في أي مكان من عالمنا. رودولف شيميلّي يسلط الضوء على "ظاهرة القذافي".