خلافات العشاق بين الشرق والغرب
أما الراوي محفوظ فإنه – ورغم أصله الغريب – يختلف تماماً عن الصورة النمطية الراسخة عن العاشق العربي. إنه رجل هادئ ومتحفظ وخجول، ولا يتسم بصفات الرجل المتسيد المغامر. ولهذا فإن فشل علاقته الغرامية التي بدأت بداية رومانسية يؤلمه للغاية. وكأن الرواي على وعي بهذا الترابط، ولهذا يبحث في قصة حياته عن أسباب الفشل.
بدقة متناهية تكاد تقترب من دقة المؤرخين يضع الرواي الحياة اليومية للمحبين تحت المجهر، واصفاً صعود المشاعر وهبوطها، ومسجلاً مرور الأيام والشهور. وتمثل الإجازة التي قضياها معاً في مخيم بجزيرة كريتا ذروة علاقتهما، تلك الإجازة التي حملت سمات غريبة وعبثية بسبب ارتباك محفوظ الأبدي، وهو ما يكسب الرواية بعداً فكاهياً، رغم أن الجدية والسوداوية هي التي تسيطر عليها.
وفي نهاية المطاف تبدو الفروق بين محفوظ وماري كلير من الضخامة بحيث لا يمكن التغلب عليها، سواء على الصعيد الشخصي أو على خلفية تحدرهما من بلدين مختلفين، وهو ما يجعل المشكلات مستعصية على الحل. محفوظ المهاجر الذي نشأ نشأة ريفية والذي يعاني الوحدة لا يستطيع أن يتفق في الرأي مع حبيته الغربية الواثقة بذاتها، ابنة المدينة الكبيرة. وهكذا يتمدد الصمت بينهما، ويكبر الإحساس في نفس كل طرف بأن الآخر لا يفهمه.
الحبُ سرٌ لا يستطيع أحد فهمَ كنهه
يصف الحبيب السالمي بدقة متناهية الحياة الجنسية للعاشقين، مُبيناً كيف يمكن معالجة هذا الموضوع بشكل أدبي مناسب بدون الوقوع في مزالق حرجة. ولا يُفاجأ القارئ إلا قليلاً عندما يرى أن الفشل كان في هذا المجال أيضاً هو مصير علاقتهما التي بدأت في الانهيار البطيء. كانت المشاعر الحسية والجنسية في البداية مجالاً يثير السعادة الكبرى لدى الاثنين، غير أن ذلك يتطور فيما بعد إلى شعور بالإحباط وعدم الإشباع، إلى أن تنفجر أزمة بين الاثنين في نهاية المطاف.
ذات مساء يحتسي محفوظ من الخمر ما يذهب بعقله ويفقده السيطرة على نفسه، ثم يحاول أن يجبر ماري كلير على ممارسة الجنس معه؛ صحيح أنه لا يغتصبها، غير أنه يسبها بكلمة "عاهرة". لم تستطع ماري كلير أن تغفر له هذا الاتهام العاري تماماً عن الصحة، وبهذا تصل علاقتهما إلى نهايتها المحتومة التي لا رجعة فيها.
ربما يعبّر الروائي من خلال هذا الفشل عن قناعة مبدئية لديه، وهي أن الحب – كما نقرأ في الكلمة الملحقة بالترجمة – "سر" لا يمكن لأحد أن يفهم كنهه، وأن مجيئه وذهابه يبقى عاصياً على عقولنا. وربما تكون هذه الرؤية هي ما تضع رواية السالمي الهادئة المتأملة في مصاف كبرى روايات الحب في الأدب العالمي.
فولكر كامينسكي
ترجمة: صفية مسعود
مراجعة: هشام العدم
حقوق الطبع: قنطرة 2010
ولد الحبيب السالمي في مدينة القيروان بتونس عام 1951، وهو يعمل منذ 1983 أستاذاً جامعياً للغة العربية في باريس. صدرت للسالمي عدة روايات ومجموعات قصصية، ويعد من أهم الكتاب التونسيين الذين يكتبون بالعربية.
صدرت الترجمة الألمانية لرواية الحبيب السالمي "روائح ماري كلير" لدى دار لينوس، بازل، 2010.
قنطرة
محاذير الرومانسية في الصراع الشرق الأوسطي:
الحب في زمن الصراع
يرى الكاتب والصحفي خالد دياب، المصري المولد والمقيم في بروكسل، أن كثيرا من الفلسطينيين والعرب ينظرون إلى فكرة عشق يهودية إسرائيلية على أنها لعنة محرّمة. ويمكن في بعض الأحيان أن تحمل هذه "الجريمة الاجتماعية" نتائج قانونية، كما حصل مؤخراً في مصر.
سليمان الدنيا و"العاشقون في جِدة":
الولع الرومانسي خلف البراقع السوداء
كان سليمان الدنيا يعيش ويدْرس في السعودية في الثمانينيات من القرن العشرين. والآن انتهى من كتابة رواية عن عواقب العشق، التي تجري أحداثها في الميناء السعودي جِدة. رشا خياط التقت المؤلف بمدينة هامبورغ.
"حرقة الحبّ" للكاتب فريدون زعيم أوغلو:
رواية أسطورة الحبّ الرومانسي
هل ما يزال يوجد ذلك الحبّ اللامعقول والذي يبدو مستحيلاً ويحرق كلَّ شيء؟ في روايته الجديد "حرقة الحبّ" يشرع الكاتب فريدون زعيم أوغلو في البحث عن هذا الشعور بالذات - شعور الحبّ الوجودي الرومانسي. آنا نوردمان تعرفنا بهذه الرواية.