توحيد الصف ضد دكتاتورية البعث السوري
بدا على عجلة من أمره. بالأمس فقط عاد وليد البني من محادثات أجراها في موسكو. وبعد ساعة واحدة سيذهب للقاء السفير الإسباني، ليطير غدا إلى اسطنبول. عندما يتحدث البني عن المعارضة السورية، فإنه يعلم جيدا ما الذي يتحدث عنه، وهو خير من يعرف ما هو عمل المعارضة. قضى في السجون السورية ما مجموعه ثماني سنوات؛ المرة الأولى كانت خلال ربيع دمشق، عندما بدأ المثقفون السوريون بالاجتماع معا، وكلهم أمل مع وصول الرئيس الشاب بشار الأسد إلى السلطة في عام 2000، وحينها دار الحديث في الصالونات السياسية عن التغيير. كان ربيعا قصيرا، ليجد البني نفسه وراء القضبان لمدة ثماني سنوات.
عمل شجاع من أجل الإصلاحات الديمقراطية
إضافة إلى أن المجلس الوطني بيروقراطي للغاية في اتخاذ قراراته، كما يقول البني منتقدا: "كل شيء يجب أن يقرر بإجماع الآراء، وهذه مشكلة. الأمر يتطلب وقتا طويلا للاتفاق على قرار، وهكذا يضيع وقت ثمين. وهذا الوقت لا تملكه عندما تكون في ثورة". وهذا واحد من الأسباب التي جعلت الجيش السوري الحر يعمل بعيدا عن أي سيطرة سياسية.
على المعارضة السورية أن تعيد تنظيم صفوفها
البني لديه موقف واضح فيما يتعلق بالتدخل الخارجي، وذلك بالمقارنة التالية: "إذا كان طفلك مريضا، فإنك تذهب أولا إلى الصيدلية وتشتري في البداية دواء خفيفا ورخيص الثمن. ثم تذهب إلى الأطباء لترتفع قيمة الفاتورة. وإذا لم يُشف الطفل على يد الأطباء وبدأ يموت ببطء، فإنك تبيع منزلك لتدخله في أغلى مستشفى".
هذا المثال يمكن تطبيقه أيضا على الحالة السورية، كما يرى البني. ثمن التدخل سيكون كبير، ولكن، بحسب رأيه، هو أمر اضطراري لا مفر منه. "أعتقد أن بشار الأسد لم يترك لنا كسوريين ولا للمجتمع الدولي أي خيارات أخرى مفتوحة. ولهذا فلم يبقى أمامنا سوى تطبيق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي ينص على التدخل العسكري الخارجي"، يوضح البني، ثم يضيف: "إننا لا نتمنى ذلك، لو كان هناك مخرج آخر".
خطر "صوملة" سوريا
ويعتقد أنور البني بأنه بدون التدخل الخارجي فإن النظام سوف يمزق البلاد عبر حرب أهلية. "إذا استمر الوضع هكذا في سوريا، فإن ما يهدد البلاد ليس السيناريو العراقي، وإنما السيناريو الصومالي"، كما يقول متنبئا، لأنه لن تكون هناك أي سلطة على الإطلاق، ولا حتى كما في العراق، حيث كانت قوات الاحتلال الامريكي. ولكن البني يرى بأن المجتمع الدولي والقوى الإقليمية لن يسمحوا بوصول الوضع إلى تلك المرحلة في هذا البلد المهم استراتيجيا. الوضع في سوريا، الدولة المجاورة لإسرائيل، والتي تربطها صلات بإيران، "معقد للغاية وبدرجة أكبر من الوضع في ليبيا، عندما تدخل الغرب عسكريا وفي غضون أسابيع قليلة فقط"، كما يرى ناشط حقوق الإنسان، ويستمر بالقول: "هذا البلد (سوريا) هو أيضأ مهم جدا لدرجة أنهم لن يتركوه لوحده في النهاية".
كريم الجوهري
ترجمة: فلاح آل ياس
مراجعة: هشام العدم
حقوق النشر: قنطرة 2012