بطلي هو أنا نفسي الآن!

تركت حياة المخرج الأفغاني بين الشرق والغرب أثرًا دامغًا عليه. وحيد نزاري متحدر من أصول أفغانيةٍ، تعلم صنعته في بلغاريا ويقيم اليوم في مدينة ليفركوزن الألمانية حيث أسس قبل فترة وجيزة "المركز الأفغاني للسينما والمسرح". نسيم صابر يقدم لنا عنه هذا البورتريه:

​​تركت حياة المخرج الأفغاني بين الشرق والغرب أثرًا دامغًا عليه. وحيد نزاري متحدر من أصولٍ أفغانيةٍ، تعلم صنعته في بلغاريا ويقيم اليوم في مدينة ليفركوزن الألمانية حيث أسس قبل فترة وجيزة "المركز الأفغاني للسينما والمسرح". بعد أن أنتج عددا من الأفلام في المنافي يرغب نزاري الآن بإنتاج فيلمه القادم في وطنه أفغانستان. نسيم صابر يقدم لنا عنه هذا البورتريه

وحيد نزاري واحدٌ من صناع السينما الأفغانية الذين ينتمون الى المدرسة القديمة، حيث يتأرجح بين الاشتراكية المثالية والميل نحو إدارة وتدبير الأعمال. درس السينما والإخراج التلفزيوني في العاصمة البلغارية صوفيا، ليتبوأ بعد ذلك رئاسة الهيئة الإدارية لـ"استديو الأفلام الافغانية" في العاصمة كابول. يقول وحيد نزاري حالمًا: "كانت تلك هي الحقبة الذهبية في حياتي".

كنا نجلس في غرفة المعيشة في منزله تحت صورة شخصية له ضخمة معلقة على الحائط. إبان الحكم الشيوعي في أفغانستان كان نزاري يخرج أفلامًا دعائيةً ترويجيةً لصالح الحكومة. حملت تلك الأفلام عناوين من نوع "الجندي" أو "سيرورة الثورة".

ويقول وحيد نزاري بصدد هذه الأفلام أنَّها لم تكن ناجحة بالفعل ولكنها كانت ممولة من قبل الدولة على الأقل. الحقبة الحمراء كانت ذهبية...

ويضيف نزاري: "كانت هذه أعوام السينما الأفغانية الذهبية كما اعتقد، لأن أفضل الأفلام قد أُنتجت في هذه الحقبة الزمنية، ولأن الحكومة كانت قد آمنت بقوة فعل وتأثير السينما، حيث كان تسعون بالمئة من السكان أميين. ولذا فقد شكلت السينما أقوى وأنجع الوسائل الدعائية الترويجية".

ويقول نزاري: "كانت – دي كوند سوي – أول سلسلة كوميديا في تاريخ أفغانستان. لم تكن فيلمًا دعائيًا تحريضيًا، بل اتبعت سياسة الحكومة للمصالحة في حينه. مُنحنا الفرصة آنذاك لنصنع افلامًا تتناول مواضيع مختلفةً مثل هذه الكوميديا وليس افلام الدعاية والترويج وحسب".

فيلم عن الأفغان في المهجر

أراد الرئيس نجيب الله، القريب من السوفييت في حينه، أنْ يمنع وصول المجاهدين إلى سدة الحكم عبر سياسة المصالحة. فعرض عليهم التفاوض والمصالحة، بيد أنَّ جماعات المقاومة الإسلامية أطاحت به في عام 1992. وبعد توليهم السلطة في عام 1993هرب وحيد نزاري متوجهًا إلى ألمانيا، قبل بدء الحرب الأهلية بسنة واحدة، حيث بدأ المجاهدون بمحاربة بعضهم البعض.

صوَّر فيلمين قليلي الكلفة "التيه" باللغة الفارسية عام 2002 و "هجرة" باللغة البشتونية عام 2004. عُرض الشريطان في ألمانيا كما في أفغانستان. ويُعتبر فيلم "هجرة" محاولةً لإعادة صياغة الكوميديا الناجحة "إبن الأرملة" وقوّلبتها لتتناول أوضاع الأفغانيين في المهاجر. فيما تم تمويل هذا الشريط من قبل المشاركين في صناعة الفيلم.

يوضح وحيد نزاري بهذا الصدد: "أنتجنا الفيلم بأقل ما نملك من مال، لم ندفع لأحدٍ بدل أتعابه، واستعرنا آلة التصوير من أصدقاءٍ لنا، أما الممثلون فكانوا من تلامذتي السابقين ووجدنا بعض الممثلين هنا. لم يطلب أحدٌ بدل أتعاب. صنعنا شريطًا بأقل التكاليف الممكنة وبأبسط الإمكانات المتوفرة لدينا".

ولى العهد الذهبي بالنسبة لوحيد نزاري منذ زمن. لم تُحقق أفلامه الأخيرة أي نجاحات تذكر. يعيش نزاري حاليًا في مدينة ليفركوزن الألمانية مع زوجته وإبنتيهما حيث يكسب قوته اليومي من الإشتغالٍ هنا وهناك ومن إنتاجاتٍ سينمائيةٍ صغيرة.

أسس "المركز الأفغاني للسينما والمسرح" كإتحاد مسجل في ليفركوزن، وهو عبارة عن جمعية تُعنى بشؤون الفن الأفغاني، وتتوخى دعم المسرح والسينما على وجه الخصوص.

سعى وحيد نزاري لتحديث عيد الأضحى في ليفركوزن عبر تقديم العروض المسرحية والموسيقية، مخففا من وطأة شعائر العيد التي غدت شديدة من خلال لعبة يانصيب، وهي شعائر لا تمت الى العادات الإسلامية بصلة.

مخرجون أفغان آخرون

أما في وطنه أفغانستان فقد استطاع مخرجٌ آخر هو "صدقي برمك" من الإستفادة من الظروف الحالية ومن الإهتمام العالمي بالشأن الأفغاني, حيث حاز على جائزة "غولدن غلوب" عن فيلمه "أسامة"، والجدير بالذكر أنَّ "غولدن غلوب" هي ثاني أهم جائزة بعد الأوسكار.

أما السينما الأفغانية في المهجر فقد إستحوذ عليها المخرج "عتيق رحيمي" صاحب "أرض ورماد" وخالد حسيني صاحب "طواف الطائرة الورقية". يقول وحيد نزاري، المخرج السينمائي الذي يلفه الصمت:

" بطلي هو أنا الآن! سأذهب إلى أفغانستان بالطبع من أجل أنْ أحقق أحلامي هناك".

أنجز نزاري نجاحات متوازية مع شريطه "إبن الأرملة". وعلى غرار إحدى الشخصيات في أشهر أفلامه يريد نزاري العودة إلى عالمه الخاص قريبًا، إذ أنَّ أفغانستان قريةٌ تؤمِّن الحماية إذا ما قورنت بالعالم الواسع الكبير.

لقد قدَّمت الحكومة الأفغانية بهذا الشأن عروضها الأولى، وعبرت جامعة كابول عن اهتمامها وكذلك وزارة الشؤون القروية. ويقول نزاري بهذا الصدد:

"لقد وُجِهت إليَّ الدعوة لكي أُدرس في الجامعة في أفغانستان، وعلاوة على ذلك حصلت على تكليفٍ من إحدى الوزارات في كابول لأحقق لها بعض الأفلام الوثائقية. لكنني لم أتخذ قراري بعد. بالطبع لدي مشاكلي وصعوباتي ولكني عازمٌ على إنجاز فيلمي الجديد في أفغانستان".

نسيم صابر
حقوق الطبع دويتشه فيلّه 2006
ترجمة يوسف حجازي

قنطرة

"عرض الواقع بدلاً من تمثيله"
رؤيا سادات، من مواليد هيرات عام 1981، كان حلمها الكبير أن تصبح مخرجة سينما، وهذا ما استطاعت تحقيقه اليوم رغم الصعوبات الهائلة. فهيمة فارساي تحدثت مع المخرجة عن السينما الأفغانية والعمل السينمائي

البحث عن لغة جديدة رغم الخراب
تم إحياء المهرجان الأول للسينما الأفغانية في مدينة كولون الألمانية. تقرير فهيمة فرسائي عن اللغة الصورية الأفغانية الجديدة والشروط الصعبة لصناعة السينما في أفغانستان