الألمان والإسلام - استسلام أم تحريض؟
بدا في السنوات الأخيرة كما لو أن نقد الإسلام وليس الإسلام هو من يحظى باهتمام المجتمع الألماني. لقد تم التعامل بحذر مع أي نقد للإسلام داخل هذا المجتمع، لأن أغلب الإعلاميين كانوا يخشون الوقوع في فخ العداء للأجانب. تعدد الثقافات والتسامح كانت قيما يدافع عنها اليسار في وقت استلم المعسكر المحافظ مهمة الدفاع عن "ثقافة رائدة" أو عن "الثقافة الألمانية الرسمية"، لكن الصراع العالمي مع الإسلام فتح الباب على مصراعيه في ألمانيا أمام نقد الإسلام. وكان على رأس منتقديه شخصيات ذات خلفية ليبرالية وتحررية، رأت أن الإسلام لا يملك القدرة أو الميل للقبول بمبادئ المجتمع الديمقراطي المتنور، من بينها عالمة الاجتماع من أصل تركي نيكلا تشيليك وآليس شفارتسر، التي تعتبر من رموز الحركة النسوية في ألمانيا، والاشتراكي الديمقراطي تيلو سارازين، والإعلاميين من أصل يهودي رالف جيوردانو وهنريك برودر.
تعددية ثقافية محافظة

الإسلام جزء من المجتمع الألماني
يعتقد بانرس أن أغلبية المسلمين هنا يفكرون بالطريقة نفسها التي يفكر بها إمام بافاريا بنيامين ادريس. وقد عبر ادريس عن أفكاره في كتابه :"سلام الله عليك: سيدي الإمام". حيث حاول البرهنة على أن الإسلام أصبح جزءا من المجتمع الألماني، بل إنه يدافع عن قبول الإسلام للديمقراطية وحقوق النساء. إنه بذلك يلتقي مع مسلمات مثل لاميا قدور التي أكدت كلامه واعتبرته جزءا من الحياة اليومية لأغلبية المسلمين. لقد عملت قدور على إصدار كتاب تعليمي في مادة التربية الإسلامية باللغة الألمانية كما أنها أسست اتحاد الإسلام الليبرالي، والذي من شأنه أن يوضح بأن الاتحادات الإسلامية التقليدية تفتقد إلى شعبية في أوساط المسلمين، وللأسباب نفسها يعمل في كولونيا منذ سنوات معهد لبحث وضعية المرأة في الإسلام، تسعى العاملات فيه إلى تطوير ثيولوجيا إسلامية نسوية.
لكن من هو المسلم؟
كتب مملة عن الإسلام
"
الكتب المستقبلية عن الإسلام ستكون مملة" يتنبأ توماس ليمن الذي كان يعمل رئيسا للجمعية المسيحية ـ الإسلامية في ألمانيا. وهو يرجع الكتب المثيرة حول الإسلام التي صدرت في السنوات الأخيرة إلى ضعف في علوم الإسلاميات في الغرب، التي فهمت وظيفتها لوقت طويل كعلم استشراق محض، ولم تهتم بحياة المسلمين خارج بلدانهم. وقد سد الثغرة أشخاص نصبوا أنفسهم خبراء في الإسلام، ينزعون إلى إصدار أحكام عامة، وقدموا لوسائل الإعلام الأجوبة السطحية التي كانت تنتظرها منهم. طبعا إن الانتقادات الموجهة لبعض المظاهر كانت مشروعة، يقول ليمن، لكن عليها مستقبلا أن تتحلى بالعلمية.
كما أن هذه الكفاءة العلمية بدأت بالتشكل لدى الجهة الإسلامية، فهناك سبعة كراسي جامعية اليوم في ألمانيا في مجال التربية الإسلامية، مهمتها تكوين أساتذة الدين الإسلامي وأئمة المساجد. كما أن خطب يوم الجمعة أصبحت تبث في راديو زود فيست فونك، وتلفزيون تسي دي إف فتح مجالا على صفحته على الإنترنت لمناقشة خطب الجمعة، ما يخلق تعددية في الآراء بشأن الإسلام ويقطع مع عهد الرأي الواحد. وهذا يرجع خصوصا إلى الوتيرة المتسارعة لإندماج المسلمين في المجتمع الألماني، أكثر مما يعتقده منتقدوا الإسلام.
جورج تاكساخر
ترجمة: رشيد بوطيب
مراجعة: هشام العدم
حقوق النشر: قنطرة 2011
جورج تاكساخر، عالم لاهوت يعمل صحفيا في راديو فيست دويتشه فونك، متخصصا في الديانات التوحيدية.
.