مهد الحضارات الإنسانية يتعرض للسرقة

سرقة الآثار العراقية خسارة فادحة ليس فقط لبلاد ما بين النهرين بل للإنسانية جمعاء، فسرقات الموناليزا العراقية والمخطوطات السومرية والآشورية وشرائع حامورابي لا تتمثل بقيمتها الأثرية فقط

تتواصل وبنجاح محدود الإجراءات الرامية إلى استعادة القطع الأثرية العراقية المسروقة. وكانت آلاف من القطع الأثرية والتاريخية النادرة تعرضت للسرقة والنهب من المتاحف والمقابر الأثرية أثناء الاجتياح الأمريكي لبغداد في نيسان 2003.

فقد تمت سرقة أكثر من 15000 قطعة وقد نجح الإنتربول الدولي والشرطة العراقية وبالتنسيق مع الجهات الرسمية في الدول المجاورة للعراق من استعادة حوالي 7000 قطعة أثرية وما زال البحث جاريا عن باقي الآثار المسروقة وإن كان غير معروف ما إذا كانت هذه الآثار ما زالت في العراق أم أنها هربت إلى الأسواق السوداء العالمية.

الموناليزا

إلى ذلك، أعرب فابريتسيو روسي، المسؤول في الانتربول الدولي في لقاء مع موقعنا عن أسفه الشديد لاتساع ظاهرة سرقة الاثار وقال إنه بدلا من وجود هذه التحف الثمينة في المتاحف لعرضها على الزوار والمهتمين، فإنها تعرض في السوق السوداء لتباع لمن يدفع أكثر.

ولكن المسؤول أعرب عن تفاؤله من إمكانية استعادة العديد من القطع المفقودة في حالة تضافر جهود الشرطة وعلماء الآثار. وأضاف أن الجهات المعنية قد قامت بوضع "لائحة حمراء" تم فيها وصف المسروقات الأثرية. وأكد روسي أن هذه اللائحة مكنت الشرطة في بلدان مختلفة مثل الولايات المتحدة والأردن وإيطاليا من ضبط العديد من المسروقات.

وعن عمليات البيع غير المشروعة أعربت كيارا برداشي مسؤولة لجنة اليونسكو للحفاظ على الإرث الثقافي العراقي عن حيرتها في كيفية تعقب مثل هذه الأنشطة الممنوعة. وقالت: "لا نعرف إلى الآن عما نبحث بالضبط". ولكنها أعربت عن ثقتها بأن معظم القطع الأثرية الفريدة ما زالت موجودة في العراق لعدم إمكانية اللصوص تهريب هذه القطع للخارج.

تدمير المدن و المقابر الأثرية

​​وإن كانت سرقة أثار المتحف الوطني العراقي هي جريمة نكراء في نظر العالم، فإن تدمير ونهب المدن والمقابر الأثرية هي الجريمة الكبرى، حسب وجهة نظر برداشي التي أكدت لنا على وجود حوالي عشرة ألاف مقبرة أثرية عراقية تعرضت معظمها للنهب والتدمير.

وقالت إنه من مجموع 18 مدينة سومرية تعرضت خمسة مدن للسرقة والتدمير بشكل وحشي. وعزا روسي المشكلة الأساسية لسرقة الآثار إلى قيمتها العالية وتهافت الناس على شرائها.

الأمن هو الحل

يذكر أن أعمال النهب التي شهدها العراق دمرت مجموعات فريدة من آثار حضارات ما بين النهرين التي كانت تعرضها المتاحف. وكان المتحف الوطني العراق والذي كان يعد خامس أهم متحف في العالم يضم العديد من القطع الأثرية التي تعود إلى آلاف السنين.

​وتضمنت بعض المخطوطات التي كانت موجودة في المتحف عرضا لتطور الكتابة والحساب والعجلة والزراعة بالإضافة لمجموعة من الآثار تعود لعهد السومريين والبابليين والآشوريين. كما نهب متحف الموصل وأشعلت النيران في المكتبة الإسلامية في بغداد والتي تضم مخطوطات أثرية من بينها واحدة من أقدم نسخ القرآن.

هذا وكان من المقرر اعادة افتتاح المتحف الوطني في بغداد في الخامس عشر من شهر يوليو/تموز الماضي، كما صرح السيد مفيد محمد جواد وزير الثقافة العراقي السابق في لقاء مع موقعنا.

إلا أنه وبسبب الوضع الأمني تم تأجيله الى موعد غير مسمى. وشكك جواد من إمكانية إعادة العراقيين لقطع أثرية مسروقة وذلك لتخوفهم من إعادة سرقتها من جديد نظرا للتدهور الأمني التي تشهده المنطقة وشدد على أن الأمن هو كلمة السر لحل مشكلة الاثارات العراقية المسروقة.

حقوق الطبع دويتشه فيله 2005