"النظرة الغربية عاجزة عن أنْ تنصف التقاليد البصرية للثقافات الأخرى"
أما اليوم فقد عبَرت الأفلام في هذه المجتمعات كل الأنواع، من الفيلم الفولكلوري إلى فيلم الفن السينمائي، ومن أفلام الأساطير إلى الدراما المجازية أو إلى الفيلم الوثائقي، واخترقت حدودًا لم تعُد تعترف بها. بينما نجدُ البديل للفيلم الغربي الذي يريد صنَّاع السينما التخلص من ظله حاضرًا بشكل جلي أو ضمني، بحيث لا يمكن الاستعانة بالمعايير السينمائية التي قرر المخرجون عدم العمل بها، فغدا لا مفر من سوء الفهم على ما يبدو، بالرغم من كل الحماس والإعجاب بالجمالية الغرائبية.
كما يمتلك عدد المجلة الخاص الذي تناولناه في هذا الصدد هنا دلالةً كبيرةً لأنَّه يضم عددًا من الكتَّاب الإنجليز القدرين على النظر إلى أبعد من الحدود المفروضة ثقافيًا. نذكر من هؤلاء الكُتّاب مثلاً الكاتِب المرموق روي أرمس Roy Armes الذي أعدَّ في عام 2008 معجمًا خاصًا بصانعي الأفلام الأفارقة. حيث يكتب في نصه حول "الرؤيا الشعرية" لدى ناصر خمير Nacer Khemir الذي ولد سنة 1948 في تونس، مستندًا إلى تصريحاتٍ خاصةٍ بصانِّع الأفلام قال فيها إنَّ أفلامه السردية تحيى بفعلِ تقاليد السرد الشفهي للقصص وتنافس جمال اللوحات الصغيرة، لدى تصويرها لحلمٍ ما بحديقة غير مرئية على سبيل المثال.
في مقالٍ آخر يجري الحديث عن "العصر الذهبي" للسينما الباكستانية الذي تبعته منذ الثمانينيات موجة سينمائية لأفلام الرعب. راشيل دواير Rachel Dwyer التي تُدرِّس "الثقافات والسينما الهندية" في لندن تبحثُ في موضوع سياسة الصورة الإثنية الجديدة في الفيلم الهندي. وبهذا، سرعان ما تتّضح أهمية التعرّف على الثقافات من خلال الأفلام التي تعبّر هذه الثقافات فيها عن نفسها. وفي النهاية تدحض المجلة بسهولة الصورة النمطية عن "العالم الإسلامي" المتجانس.
نماذج تفكير أصبحت بالية
لقد شيّد رشيد أراعين مؤسس مجلة الفنون "Third Text" وناشرها لسنوات طويلة في عام 1987 بهذه المجلة مؤسسة فريدة من نوعها في العالم تنظر بـ "بمناظير نقدية إلى الفن والثقافة المعاصرين". وبالرغم من أنَّ مصطلح العالم الثالث قد تم تجاوزه اليوم، إلا أنَّ هذا لا ينطبق على المناظير السائدة.
هاجر الفنان في الستينيات من باكستان إلى انجلترا، ووقع هناك في نزاع مع المشهد الفني السائد، بحيث تم منعه من الدخول إلى المعارض، ما دفعه لتنظيم معارض بنفسه أظهر فيها "التاريخ الآخر" للفن الحديث. وقدم نفسه لفترة من الزمن، باعتباره "الفنان الأسود" لكي يؤكد على اختلافه، وذلك تضامنًا مع كل الزملاء الفنانين الذين لاقوا صعوبات مشابهة.
لا يمكن إنكار أدائه بصفته رأس حربة المعارضة ضد ممارسات الإقصاء من قبل القائمين على المشهد الفني الرسمي، الذي يقدم نفسه على أنَّه عالميٌ، ومعارضٌ لوصاية ما يسمى بالحداثة. إنَ مجلته التي حافظت على مستواها الفكري على مدى مائة وعددين بلا مشقة (للأسف من الصعب العثور عليها في المكتبات لدينا)، أفلحت أيضًا في اختراق عزل الفن، وكذلك في فهم الفن والثقافة باعتبارهما وحدةً كما تبيّن مساهمات الكتّاب والفلاسفة في المجلة.
هانس بلتينغ
ترجمة: يوسف حجازي
مراجعة: هشام العدم
حقوق النشر: صحيفة فرانكفورتر الغماينه تسايتونج/قنطرة 2010
نشر هانس بلتينغ المختص بتاريخ الفنون مؤخرَا كتاب: "فلورنسا وبغداد. تاريخ شرقي-غربي للنظرة".
قنطرة
كتاب "الجسد والصورة والمقدس في الإسلام" لفريد الزاهي:
ثنائية الصور والتأويل... وجدلية التقديس والمقدس
لا يمكن تناول قضية الجسد في الإسلام دون الحديث عن كتابات عبد الكبير الخطيبي وفريد الزاهي وعبد الوهاب بوحديبة وفاطمة المرنيسي. فهذه أسماء خدشت نرجسية الفكر الإسلامي وأعادت قراءته من منطلقات أخرى ووفق مناهج مغايرة، وكان على رأس الأسئلة التي طرحتها، سؤال الجسد في الإسلام وموقعه في الرؤية الدينية وعلاقته بالمقدس وأنماط تمظهره الاجتماعية، مثلما يوضح رشيد بوطيب في مقالته الآتية.
محمد أركون وتجديد الفكر الإسلامي:
تأسيس لفكر إنسانوي عربي يحترم روحانية الدين
تكمن أهمية المفكر الجزائري محمد أركون في قراءته المختلفة للفكر الإسلامي وتاريخه، قراءة تختلف عن القراءة الفيلولوجية للاستشراق الكلاسيكي وتفكك هيمنة الأرثدوكسية السنية. ولعل هذا ما دفع أركون إلى تأسيس ما سماه بالإسلاميات التطبيقية والتي تتجاوز منهجية الإسلاميات الكلاسيكية الخاصة بالمستشرقين وتعمد إلى تطبيق علوم الإنسان والمجتمع على دراسة الإسلام بدلا من الاكتفاء بالدراسة الوصفية. رشيد بوطيب في عرض لأهم أطروحات محمد أركون التجديدية.
عبد الوهاب المؤدب:
"ضد الخطب"- في مواجهة قداسة"الثوابت"
يرى الكاتب والمفكر التونسي عبد الوهاب المؤدب في كتابه "ضد الخطب" أن الهجوم على المحرمات هو مفتاح الإصلاح والسبيل للجمع بين الإيمان والحداثة وتخليص الإسلام المعاصر من تحجره الطفولي العنيد. لودفيج أمان يستعرض هذا الكتاب.