ما هو دور الشعر في الثورات العربية؟
في رسالتها السنوية بمناسبة اليوم العالمي للشعر، الذي يصادف أول أيام الربيع، قالت مديرة اليونيسكو ايرينا بوكوفا إن "الشعراء يتمتعون بقدرات تمكنهم من مرافقة الحركات المدنية وتوعية الضمائر في خضم التغييرات الهامة التي يشهدها العالم اليوم، وما يعصف به من تقلبات سريعة ومن تحولات اجتماعية". وإذا كان للشعراء هذه القدرة التأثيرية في العالم ككل، فإن علاقة العرب التاريخية بالشعر، تضمن للشعراء العرب وضعا اعتباريا خاصا يمكنهم من المزيد من القدرات التأثيرية.
الفعل الثوري العربي الذي تحقق في الأشهر الأخيرة لم يكن معزولا عن خطاب الشعر، مثلما لم يكن معزولا عن الخطاب الذي تنتجه وسائل الإعلام. لقد كانت القصيدة كامنة في وجدانات هؤلاء الشباب فعلى سبيل المثال كان الشباب يرددون أثناء الثورة قصائد محمود درويش وأحمد فؤاد نجم وغيرهم، كما استعادت الثورة التونسية وبعدها الثورات العربية الأخرى قصائد شاعر عظيم بقيمة أبي القاسم الشابي، حيث صدحت الحناجر في ساحات وشوارع وميادين مدن عربية عدة "إذا الشعب يوما أراد الحياة..فلابد أن يستجيب للقدر". فما هو دور الشعر في ثورات الربيع العربي؟ وهل ساهم في تأجيج مشاعر الثوار، أم أن الثورات قد شكلت مصدر إلهام للشعراء ولو على حساب القيمة الشعرية؟
حضور الشعر في الثورات العربية

ويبدو أن قصيدة النثر لم تكن حاضرة بنفس شكل القصيدة الإيقاعية، وتقول الشاعرة اليمنية:" المجتمع اليمني مازال مجتمعا سماعيا ولهذا السبب، الإيقاع والعبارات الحماسية تحرك فيه الكثير، لذلك كانت الثورة اليمنية حافلة بالإنتاجات الشعرية، على مستوى الأغاني والقصائد والإصدارات أيضا". وتضيف:" في تاريخ الثورات العربية كان الشعراء دائما في طليعة من قادوا الفعل الثوري التوعوي، ومازال هذا الفعل حاضرا في اليمن إلى اليوم ومنذ ثورتي 1962 و 1963".
تجاوب مشروع أم افتعال شعري؟
يرى الشاعر المصري جرجس شكري أن الشعر ينبغي أن يكون في مستوى الحدث، وإلا فالصمت أفضل. ويقول: "إذا تحدثنا عن الشعر بشكله المباشر في الثورات العربية، على الرغم من انطلاق الثورة التونسية من بيت شعر شهير لأبي القاسم الشابي" إذا الشعب يوما أراد الحياة"، إلا أن ما كُتب من شعر خلال الثورات وبعدها، هو ضعيف ومتواضع إذا ما قورن بما حدث في الشارع أو في الميادين أو بأفعال الثوار".

العودة إلى الماضي

ظهور قصائد أو دواوين تتناول الثورات العربية كموضوع، يرى فيه بعض المثقفين نوعا من الافتعال، الدليل على ذلك كما يراه الشاعر المصري جرجس شكري، هو أن الأغاني التي صاحبت الثورة المصرية هي الأغاني القديمة، ويقول:"الأغاني التي صاحبت هذه الثورة كانت من حقبة الستينات على سبيل المثال، كأغاني أم كلثوم وعبد الوهاب وشادية... وهي باقية إلى الآن. في كل حديث عن الثورة نستمع إلى هذه الأغاني ولا نستمع إلى الأغاني جديدة".
وقد صاحبت الثورات العربية تعبيرات إبداعية أخرى إلى جانب الشعر، ويرى الشاعر المصري جرجس شكري أنها كانت أقوى ويقول:" لغة الدراما أو لغة المسرح أقوى بكثير من الشعر أو من النصوص المكتوبة". ويتابع: "ما يحدث في الشعر أو في المسرح ما هو إلا محاولة للتوثيق، لا أكثر ولا أقل. ونلتمس لهم بعض العذر، اللحظة جعلتهم يكتبون. ولكن نجد أن الشعراء الكبار أنفسهم لم يكتبوا. هذا لم يحدث، لأنهم يدركون عمق الشعر واللحظة الشعرية".
ريم نجمي
مراجعة: عبده جميل المخلافي
حقوق النشر: دويتشه فيله 2012