أغلال التقاليد والكليشيهات

الفيلم التركي كان يعرض فقط في أوساط تجمعات العمال الوافدين، في ألمانيا الستينيات. أما اليوم فالسينما التركية أصبحت رائجة دولياً. لكن العديد من القيود ما زالت تكبل المخرجين والممثلين. تقرير لينارت ليمان.

مر قرابة عشرون عاماً على إنتاج الفيلم الكلاسيكي "40 م² في المانيا" لمخرجه توفيق باسر Tevfik Baser، حيث تلعب الممثلة أوزاي فيشتÖzay Fecht دور زوجة عامل وافد لم يستطع أن يتعامل مع المجتمع الألماني، فيقوم بحبس زوجته في المنزل ويعزلها ويمنعها من الإحتكاك بأي كان.

بعد الجدالات الحادة، التي تأججت في المانيا مؤخراً حول جريمة الشرف والزواج الإجباري والحجاب، تستخلص فيشت أن "فيلم 40 م² في المانيا مازال معاصراً. والأمور مازالت على حالها على الأرجح".

هذا التقدير المتشائم لا يتفق الجميع عليه. على الأقل، فيما يخص السينما التركية، فالمنتج الإسطنبولي قدري يورداتبّ Kadri Yurdatap يلاحظ "توجهاً قوياً نحو الأفضل". ويعمل يورداتبّ منذ عشرين عاماً في السينما وهو رئيس الهيئة الإدارية لرابطة منتجي الأفلام الأتراك سمسم "Sesam"، وهي بمثابة محتكر لتسويق الأفلام في تركيا.

ويتذكر يورداتبّ، أن الفيلم التركي كان يعرض فقط في أوساط تجمعات العمال الوافدين، في ألمانيا الستينيات. أما اليوم فالسينما التركية على العكس من ذلك، فهي رائجة دولياً كما نلاحظ في النمو المستمر لمهرجان أسبوع الفيلم التركي في برلين.

ولكن إحساساً بالقيد بقي ماثلاً. ولم تقتصر أغلال التقاليد المزعومة على حياة الوافدين من المناطق الريفية التي ينظر لها بعين الريبة. حيث ترى فيشت أن النساء على سبيل المثال تجبر على لعب أدوار محددة وتحجب عنها أدوار أخرى، في خضم النجاح الحالي لسوق السينما التركية والألمانية-التركية.

أدوارٌ منمطة، يتم فرضها أيضاً من الخارج: الدعم الألماني للأفلام يشجع بدوره إعادة إنتاج الكليشيهات. "لماذا يتعين على الممثلة التركية أن تلعب دور الزوجة التركية، وليس الزوجة ببساطة؟ لا أريد أن أشاهد ثانيةً في الأفلام، أصحاب محلات الشورما وزوجاتهم المحجبات اللاتي لا يقلن شيئاً. على المخرجين الأتراك أن يتحرروا من الكليشيهات".

الربح أولا

لكن الفن ليس حراً، لا سيما حين يتعلق الأمر بالمال كما يرى يورداتبّ، "تستطيع اليوم أن تصور الفيلم الذي تشاء في تركيا، فقد ولى عهدها القيود على السينما. سابقاً كان بإمكان رابطة أصحاب الحمامات أن تمنع فيلماً فكيف بالشرطة. أما اليوم فيتعين على الفيلم أن يدر الأرباح".

صانعو الأفلام لا يعانون من شحة التمويل وحسب – فقلما كلف إنتاج فيلم في تركيا أكثر من ستمائةألف يورو. كيفية تلقي الجمهور التركي للفيلم يلعب دوراً مقرراً. المواجهة يتم تجنبها، وكثيرٌ من كاتبي السيناريو يهابون الجمهور حسب زعم الممثلة حلية دويار Hülya Duyar ("سوبر سكس"):

"يتخوف البعض من عدم ضم تركيا للإتحاد الأوروبي إذا ما عرض قصصاً حقيقية عن أوضاع الطبقة العاملة".

ويتفق الممثل بيرول أوينل Birol Ünel ("ضد الجدار") مع هذا الرأي. فالسؤال "هل ما زلنا على خلق قويم؟" يشغل بال كل العاملين بالفيلم التركي. "الأمر سريالي: يتحاور في التلفزيون في تركيا مذيعات نصف عاريات مع ضيوف نصف عراة عن الأخلاق في فيلم ما!".

السينما التركية في حراك مستمر، أكان ذلك في تركيا أم في ألمانيا، ويبدو تطورها مفتوحاً على كل الإحتمالات. بعض ما ينتج في المانيا يحقق نجاحاً باهراً في تركيا ايضاً، كما هو حال فيلم "ضد الجدار" لمخرجه فاتح أكين Fatih Akin.

على ضوء الاقتراب من الاتحاد الأوروبي تفتحت في تركيا آفاق وإمكانيات جديدة. "لم يعد ثمة ما يعيقنا سوى أنفسنا"، كما يقول يورداتبّ. ويلاحظ أوينل اليوم مستهجناً "عودة ما يسمى بالجيل التركي الثالث، في ألمانيا، إلى الأدوار والصور وإلى مفاهيم الشرف القديمة".

بقلم لينارت ليمان
ترجمة يوسف حجازي
حقوق الطبع قنطرة 2005

قنطرة

مهرجان السينما التركية:
يقدم "مهرجان السينما تركيا/المانيا"، الذي يقام في مدينة نورنبرغ للمرة العاشرة، إطلالة على إنتاج كل من السينما التركية والألمانية-التركية والألمانية المعاصرة، ويهدف المهرجان إلى تقوية الحوار بين مختلف فئات المجتمع.

قنبلة سياسية واجتماعية
حصل الفيلم "ضد الحائط" للمخرج فاتح أكين، التركي الأصل والمقيم في ألمانيا، على الدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي الدولي. زيلكه بارتليك تعرفنا بالفيلم والمخرج