تحديات عسيرة وآفاق مستقبلية غامضة



ثلاث مرات تحدت أغلبية العراقيين التهديدات الارهابية وذهبوا الى صناديق الاقتراع للادلاء بأصواتهم، كما حدث في الانتخابات التشريعية الأخيرة في السابع من آذار/ مارس الماضي. وفي كل مرة تكون نتيجة ما بعد الانتخابات هي خيبة أمل مريرة بسبب انشغال سياسيين من تيارات مختلفة بالتسابق على المناصب والامتيازات. ففي الوقت الذي يثبت فيه الناخبون شجاعة كبيرة ووعياً عالياً، تفشل النخب السياسية الجديدة في استغلال هذا الزخم لتطوير التجربة الديمقراطية.
وظهرت قوى عديدة لا تتورع عن التضحية بالمصالح الوطنية على مذبح الصراعات الطائفية والاثنية والتسابق على السلطة والثروة. ومما زاد الطين بلة استمرار عملية تسييس الدين التي بدأها النظام السابق وتوظيفها بشكل صارخ من قبل أطراف اسلامية لأغراض سياسية ضيقة الأمر الذي شكل عائقاً كبيراً أمام تكريس هوية وطنية قادرة على استيعاب الانتماءات الدينية والمذهبية والقومية المختلفة.
وبدلاً من مراجعة جرائم الديكتاتورية واستخلاص العبر منها تحول اجتثاث البعث في أحيان كثيرة إلى أداة للثأر والتصفيات السياسية للخصوم. وكل ذلك جرى وسط محيط اقليمي معاد لأي تطور ديمقراطي. وهكذا تحول الأمل بالتأثير الإيجابي لنشر الديمقراطية في العراق على جيرانه الى سراب في الصحراء العربية الكبرى. بل وأصبحت تجربة العراق بمثابة مثال يُذكر لاخافة الآخرين. وليس نادراً أن نسمع حكاماً عرباً وهم يحذرون الأصوات المطالبة بمزيد من الحريات بالقول:"هل تريدون أن نصبح مثل العراق؟."
وهكذا تبدو النظم الاستبدادية سواء كانت في سوريا أو ليبيا أو السعودية أو إيران وغيرها صامدة أكثر من أي وقت مضى بوجه رياح التغيير. وحتى ادارة أوباما تخلت عملياً عن التركيز على نشر الديمقراطية كهدف للسياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، وذلك بعد التجارب المريرة في العراق وأفغانستان.
من دون شك ينطوي المستقبل في العراق على سيناريوهات كثيرة تتراوح بين التفاؤل والتشاؤم. وهذا ما أثبتته أيضاً الانتخابات التشريعية الأخيرة والتي أسفرت نتائجها عن تغييرات واضحة في المشهد السياسي. لكن النجاح في إقامة ديمقراطية فاعلة في العراق سيتوقف بالدرجة الأولى على إرادة النخب السياسية في البلاد وقدرتها على حل خلافاتها بطريقة سلمية. وبكل تأكيد سيبين التاريخ لاحقاً إن كان ما بدأ يوم التاسع في نيسان/ أبريل في بغداد سيؤدي في نهاية المطاف إلى نهاية سعيدة أم لا.
ناجح العبيدي
مراجعة: لؤي المدهون
حقوق الطبع: قنطرة 2010
قنطرة
تعليق حول موجة العنف في العراق بعد الانتخابات
"انتصار المقاومة العراقيّة يعني الانزلاق في حرب أهلية مفتوحة"
يرى المحلل السياسي المعروف حازم صاغيّة في تعليقه التالي أن جماعات "المقاومة" في العراق ليست سوى حفنة من القتلة والمجرمين الطائفيّين، الذين يبقى أسوأ احتلال للعراق أفضل ألف مرّة من وقوعه في يدهها، كما تبقى أسوأ عمليّة سياسيّة خيراً من أعمالهم التحريريّة والجهاديّة كما يرى أن انتصارها سيؤدي إلى انزلاق العراق في حرب أهلية مفتوحة ومطلقة.
نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية
سباق محموم وصراع ضار على المناصب
أفرزت النتائج الأولية للانتخابات العراقية منافسة قوية بين قائمتي المالكي وعلاوي وسط اتهامات متبادلة بالتزوير ومطالبات بإعادة فرز الأصوات. والسؤال الحاسم من سيتولى منصب رئيس الوزراء والمناصب السيادية الهامة الأخرى. ناجح العبيدي يسلط الضوء على معالم خارطة التحالفات المحتملة للمشهد السياسي العراقي.
الخارطة الحزبية في العراق الجديد
دولة دينية أم دولة القانون العلمانية؟
قبل إجراء الانتخابات البرلمانية القادمة في العراق أخذت الخارطة الحزبية تغير معالمها بشكل كبير. فبينما سادت الائتلافات الطائفية والعرقية والدينية في انتخابات 2005 السابقة، تجتاح العراق اليوم موجة من الوطنية والعلمانية في ظل التفجيرات الدموية. بيرجيت سفينسون تسلط الضوء من بغداد على هذه التغيرات.