العراقيون يدفنون إرث الحاكم الأمريكي بريمر



ترأس مقتدى الصدر هذه الحركة، وقام بحلّ حزبه القديم وأجبر الوزراء الفاسدين على الاستقالة من مناصبهم، وبات يدعو لتجديد البلاد. وقد أكسبه هذا الكثير من القبول والاستحسان لدى جميع فئات الشعب في العراق. لا يزال النائب حامد المطلك واحدًا من بين النوَّاب القدماء، الذين أعيد انتخابهم الآن. لقد انضمّ هذا النائب السُّنِّي المنحدر من محافظة الأنبار شمال غرب بغداد إلى ائتلاف "الوطنية" بقيادة إياد علاوي، وهو أوَّل رئيس وزراء في مجلس الحكم الانتقالي بعد غزو القوَّات الأمريكية للعراق في عام 2003. وإياد علاوي نفسه شيعي، ولكن كان لديه دائمًا في صفوفه حلفاء من السُنة والمسيحيين وحتى من بعض الأكراد. لكن في مراحل السياسة الطائفية برئاسة رئيس الوزراء نوري المالكي، الذي يعتبره الكثيرون في العراق الشخص المسؤول عن دخول داعش، لم يكن لدى إياد علاوي أي فرصة. أمَّا الآن فمن الممكن أن يشارك في تشكيل الحكومة المستقبلية. يقول حامد المطلك مقيِّمًا آخر التطوُّرات في المشهد السياسي العراقي: "نحن السُّنة لم يعد يوجد لدينا حزب خاص، ولكننا موجودون في كلِّ مكان". ومع ذلك فإنَّ ما يقلقه أكثر من تشتُّت السُّنة ليس فوز مقتدى الصدر وقائمته "سائرون"، بل التحالف الذي احتل المرتبة الثالثة في الانتخابات: "الفتح". خطر أفراد الميليشيات الشيعية هذه القائمة - تمامًا مثل "سائرون" - جديدة أيضًا على الساحة السياسية، ولم يكن من الممكن تصوُّرها من دون تنظيم داعش في العراق. فهي مكوَّنة من أعضاء الميليشيات الشيعية، المعروفة مجتمعة باسم هيئة "الحشد الشعبي"، والتي كانت تقاتل بالتعاون مع "فيلق القدس" الإيراني ضدَّ تنظيم "الدولة الإسلامية" وقد سيطرت على سبيل المثال على محافظة تكريت، مسقط رأس صدام حسين. لعب "الحشد الشعبي" دورًا مهمًا في الموصل أيضًا. يرى السياسي حامد المطلك أنَّ هذا الوضع خطير للغاية. بعد القضاء في أواخر العام الماضي 2017 على "الخلافة" المعلنة من قبل الجهاديين، أقرّ البرلمان العراقي القديم قانونًا يعرف باسم قانون "الحشد"، ينصُّ على أنَّ تكون هذه الميليشيات الشيعية البالغ عدد أفرادها نحو مائة ألف عنصر "تشكيلًا يتمتَّع بالشخصية المعنوية ويُعَدُّ جزءًا من القوَّات المسلحة العراقية ويرتبط بالقائد العام للقوَّات المسلحة". لقد صوَّت حامد المطلك ضدَّ هذا القانون. وحول ذلك يقول حامد المطلك: "أردت أن يكون الحشد الشعبي جزءًا من القوَّات المسلحة العادية وألَّا يحتل مكانة خاصة". وعندما دخل قادة الحشد الشعبي المعترك السياسي، عارضهم رئيس الحكومة حيدر العبادي. ولكن على الرغم من معارضته فقد حدث ذلك. [embed:render:embedded:node:30956] ومن جانبة كان رئيس أكبر ميليشيا منضوية تحت مظلة هيئة الحشد الشعب، أي منظمة "بدر"، هادي العامري، يرى نفسه خليفة لحيدر العبادي. وضمن هذا السياق يقول حامد المطلك محذِّرًا: "عندما يحصل أفراد الميليشيات على حصانة بموجب وضعهم في مجلس النوَّاب، فعندئذ يمكنهم أن يفعلوا ما يريدون". ويخشى من تعرُّض السُّنة للمزيد من التمييز، الموجود بالفعل بحسب قوله، ولكنه سيزداد بسبب الوضع السياسي. يقول حامد المطلك لقد باتت العقوبات الجماعية بحقِّ قرى كاملة، كان فيها بعض السكَّان المتعاطفين مع تنظيم "الدولة الإسلامية" أو المنخرطين في هذه الميليشيا الإرهابية، جزءًا من الحياة اليومية. ويضيف أنَّ السُّنة يُعاملون بشكل مختلف عن الشيعة والأكراد والمسيحيين. وأنَّ ممتلكاتهم باتت عرضة للمُصادرة أو التدمير أو السلب والنهب. أفراد ميليشيات الـ"حشد الشعبي" الشيعية مكروهين لدى السُّنة. يعتمد مدى تأثير تحالف "الفتح" داخل الحكومة المستقبلية على تشكيل الائتلاف الحكومي. وذلك لأنَّ مقتدى الصدر وتحالفه "سائرون" لا يمكنهم أن يحكموا بمفردهم. وعلى أية حال فإنَّ حامد المطلك لا يرى في تحالف الفتح شريكًا محتملًا في حكومة ائتلافية. ويقول إنَّ قائمة الفتح "هي مشروع مضاد لسائرون". ومع تحالف "الفتح" ستجلس طهران تلقائيًا مع العراقيين على طاولة مجلس الوزراء. وهذا بالذات ما يريد تجنُّبه مقتدى الصدر. ولكن إن كان سينجح حقًا في فعل ذلك، فهذا سؤال آخر. برغيت سفينسون ترجمة: رائد الباشحقوق النشر: موقع قنطرة 2018ar.Qantara.de