المستعربة اليهودية التي لا أحد يعرفها




تم ترحيلها وقتلها في البداية تكللت مساعي آرتور شاده بالنجاح. طالبة الدكتوراه التي درست لديه في السابق، نجت من الترحيل. وبعد ستة أشهر لم يستطع فعل أي شيء من أجلها. ففي الحادي عشر من تموز/يوليو 1942 تم نقل هيدفيغ كلاين مع أوَّل قطار انطلق من هامبورغ إلى أوشفيتز. ولم تنجُ من معسكر الاعتقال والإبادة في أوشفيتز. كذلك تم قتل أختها وأمّها وجدّتها. وفي عمل للتذكير غير مألوف في ذلك الوقت حصل الجغرافي الاقتصادي كارل أوغوست راتيِنس في صيف عام 1947 على حكم من قبل محكمة هامبورغ يقضي بجعله وصيًا على هيدفيغ كلاين في غيابها. وثم قام بطبع ست وخمسين نسخة من رسالة الدكتوراه التي قدمتها. وفي الخامس عشر من آب/أغسطس 1947 تم الاعتراف رسميًا بحصول هيدفيغ كلاين على درجة "الدكتوراه في الفلسفة".خلال العقود الأولى بعد قيام جمهورية ألمانيا الاتِّحادية كان يوجد في قسم الدراسات العربية والإسلامية بجامعة هامبورغ أشخاص آخرون. منهم على سبيل المثال الباحث في العلوم الإسلامية برتهولد شبولَر (Berthold Spuler)، الذي كان خلال الحرب عضوًا في الحزب النازي ومسؤولًا في وزارة الرايخ للمناطق الشرقية المحتلة. وقد ساعد في تعبئة المسلمين من أجل القتال إلى الجانب الألماني، بمن فيهم أولئك الذين كانوا من أسرى الحرب السوفييت.
من عام 1948 حتى عام 1980، كان برتهولد شبولَر أستاذًا متفرِّغًا للعلوم الإسلامية في هامبورغ. وحينما قام الطلَّاب في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1967 بالكشف عن لافتة كُتب عليها شعار "تحت ملابس التخرُّج عفونة ألف عام" [في إشارة إلى بقاء النازيين القدماء في مناصبهم]، هتف برتهولد شبولَر: "يجب وضعهم جميعًا في معسكر اعتقال!". ولكن ماذا عن هانس فير؟ اضطر فير إلى المثول أمام لجنة خاصة بإزالة تأثير النازية. ومن أجل إبراء ذمته كتب في عشرين تموز/يوليو 1947: "لقد استطعت إنقاذ زميلة متخصِّصة يهودية، الآنسة الدكتورة كلاين في هامبورغ، في عام 1941 من الترحيل إلى تيريزينشتات (هكذا)، وذلك من خلال طلبي إيَّاها من الغيستابو في هامبورغ من أجل مشاركتي في عمل ادَّعيتُ أنَّه مهم للحرب، وتحديدًا من أجل القاموس العربي-الألماني". هذا مدوَّن في ملفه الخاص بإزالة تأثير النازية. لقد تم تصنيف هانس فير على أنَّه كان "إمَّعة لا رأي له" واضطر إلى دفع "كفَّارة مالية" ورسوم قضائية قدرها ستة وثلاثون ماركًا ألمانيًا وأربعون قرشًا. أمَّا قاموسه، الذي كان من المفترض أن يساعد في ترجمة كتاب كفاحي، فلم تتم طباعته قبل نهاية الحرب. وقد نُشر في عام 1952. في مقدمته شكر هانس فير أشخاصًا من بينهم "الآنسة الدكتور هـ. كلاين" على مساعدتهم. ولم يذكر أية كلمة حول مصيرها. واليوم يُعتبر قاموس "فير"، وهو اختصار لاسم "معجم اللغة العربية المعاصرة"، القاموس العربي الأكثر استخدامًا في العالم. وفي عام 2011 أعيدت طباعته للمرة الخامسة. وحتى الآن لا يعرف القارئ فيه أية معلومات حول "الآنسة الدكتورة هـ. كلاين". وبناءً على سؤالنا أبلغنا ناشره، دار نشر هاراسوفيتس، أنَّه يتم التخطيط لإصدار طبعة جديدة. وأنَّ دار النشر تريد أن تسأل المحرِّر إن كان بإمكانه أن يشير إلى "مصير الآنسة كلاين المأساوي من دون شكّ". شتيفان بوخنترجمة: رائد الباشحقوق النشر: موقع قنطرة 2018ar.Qantara.de