"بعض المسلمين في ألمانيا يسيئون للإسلام مثل أعدائه"



خورشيد: الملاحظة الرئيسية التي توجه للساسة في ألمانيا هي عدم الاعتراف بالمسلمين كجالية لها حقوقها مثل الجاليات أو الأقليات الدينية الأخرى. وما زلنا في بداية الطريق بهذا الصدد. كما أن المرأة المسلمة المحجبة تواجه صعوبات في التدريس والعمل، الأمر الذي يترك انطباعا عند المسلمين بأن المجتمع والطبقة السياسية ترفضهم. ولدينا أيضا نقاشات عقيمة حول بناء المساجد ورفع المآذن، وهي نقاشات غير مفيدة. وأعتقد أن المهم هو أن يقوم الساسة والدولة الألمانية بتقبل المسلمين كجزء من المجتمع، وذلك على غرار ما قام به الرئيس الألماني بمناسبة ذكرى الوحدة الألمانية عندما أكد أن الإسلام أصبح جزءا من ألمانيا.
لكن بعض السياسيين ورجال الكنيسة في ألمانيا ينوهون إلى صعوبة منح الإسلام مكانة شبيهة بالمسيحية، بسبب الوضع الخاص الذي تتمتع به الكنيسة في علاقتها التاريخية والتعاقدية مع الدولة في ألمانيا، ويشيرون مثلا إلى صعوبة تمثيل المسلمين؟
خورشيد: إذا نظرنا مثلا إلى النمسا البلد الجار لألمانيا، لديهم منذ عام 1912 هيئة معترف بها رسميا من الدولة وتمثل المسلمين، واسمها الهيئة الإسلامية في النمسا، وهي تمثل المسلمين كهيئة معنوية عامة تمثلهم قانونيا. ومع أن الإسلام ليس فيه كنيسة، فعلينا نحن المسلمين أن نجتهد في إيجاد حلول كي يصبح الإسلام كجزء من المجتمع الألماني وله وجود قانوني. وهنالك محاولات في ألمانيا، حيث قام المسلمون عام 2007 بتأسيس مجلس تنسيق شؤون المسلمين(ك، آر، ام).
الذي كان محاولة لجمع مختلف الهيئات والطوائف والجمعيات الإسلامية، وهي تتحدث باسمهم جميعا، ولدينا أمل بأن تعترف الدولة الألمانية في السنوات القليلة المقبلة بال"ك، آر، ام" كممثل رسمي باسم المسلمين، وهنالك بوادر إيجابية أطلقها السياسيون الألمان في هذا الاتجاه، لأن هذه المسألة تحتاج إلى حل، والدولة الألمانية نفسها، كدولة علمانية لا تتدخل في شؤون المسلمين الداخلية، بحاجة إلى مخاطب رسمي باسم المسلمين ويطرح قضاياهم ويبحث عن حلول لها.
يعتقد بعض الباحثين بأن صعوبة العلاقة بين المهاجرين المسلمين والدولة في أوروبا، مردها إلى أن الثقافة السائدة لدى المهاجرين تشكلت في دول إسلامية تختلف في أساسها الدستوري والفلسفي عن الدولة العلمانية الأوروبية، فهل يساهم قسم الدراسات الإسلامية الذي تشرفون عليه في الجامعة في بلورة حلول فكرية لهذه الإشكالية؟
خورشيد: في ألمانيا تُعرض على الإسلام أسئلة مستجدة وغير مسبوقة في تراثه، مثل علاقة الإسلام بالديمقراطية، والعلاقة بين الإسلام والعلمانية، والعلاقة بين المرأة والرجل في المجتمع الأوروبي الحديث، بالإضافة إلى أسئلة تتعلق بقراءة النص الديني الإسلامي، سواء القرآن أو أحاديث الرسول، في إطار مختلف هو إطار علماني. فنحن لا يمكننا المطالبة بمنظومة قانونية موازية لقانون الدولة، حيث لا يمكننا أن ننقل القرآن والسنة حرفيا إلى هذا المجتمع ونطبق العقوبات وغيرها من الأحكام كالإرث وغيره، لأن من شأن ذلك أن يحدث تصادما بين القوانين الإسلامية وقانون الدولة هنا. والمطلوب أن نصل إلى معادلة وسط بحيث لا نفقد هويتنا المسلمة وفي نفس الوقت نتعايش بشكل سلمي مع قواعد الدولة العلمانية.
ودون أن يحدث تضارب في شخصية الطالب المسلم، فهل هو مسلم أم ألماني؟ فالمطلوب أن نصل إلى معادلة يكون فيها الشخص مسلما وألمانيًا، مسلما وأوروبيًا، أي دون أن يكون هنالك تعارض بين هويته كمسلم وهويته كأوروبي.
ونحن ندرك أنها مهمة صعبة بالنسبة لنا، ومن خلال تدريس الدين الإسلامي في جامعة مونستر، نسعى للوصل إلى معادلة نظرية نعيد من خلالها النظر في التراث الإسلامي، ونطرح أسئلة حول الثوابت(غير المتغيرة) في الدين الإسلامي: العقيدة، الإيمان بوحدانية الله، والرسول، كما نطرح أسئلة اجتماعية تتطلب قراءة تاريخية للتراث، في أفق بلورة أجوبة معاصرة لأسئلة مجتمعنا وليس لأسئلة الماضي. فالمطلوب عدم التخلي عن أساسيات الإسلام وفي نفس الوقت عدم تعطيل الحياة الاجتماعية، لأن الدين الإسلامي ككل دين لم يأت لتعطيل الحياة بل جاء ليساعدنا على بناء حياة عامرة وشريفة، ولابد من التساؤل كيف يمكننا أن نحقق ذلك في هذا المجتمع، ونصل إلى معادلة وسط، وهذه أسئلة جديدة وهي غير معروفة في السياق الإسلامي في الدول الإسلامية. واعتبر أننا في بداية المشوار وأنا متفائل.
أجرى الحوار: منصف السليمي
مراجعة: حسن زنيند
حقوق النشر: دويتشه فيله 2010
قنطرة
حوار مع مهنَّد خورشيد، أستاذ علوم التربية الإسلامية الدينية في جامعة مِونستِر الألمانية
"أسعى لتأويل معاصر للإسلام"
أصبح مهنَّد خورشيد اللبناني المولد أستاذا في علوم التربية الإسلامية الدينية في جامعة مونستر الألمانية ليخلف بذلك الأستاذ سفِن كاليش الذي كان محط خلاف في أوساط المسلمين. كِرستِن كنيب في حوار مع البروفيسور خورشيد.
حوار مع أستاذ التربية الإسلامية بولنت أوجار:
"تخوف مسلمي ألمانيا من فرض إسلام رسمي"
يرى بولنت أوجار، أستاذ التربية الإسلامية في جامعة أوسنابروك، أنه ينبغي لدولة القانون الألمانية تجنب التدخل في عملية تطور "إسلام ألماني" وفرض رؤيتها عليه، بيد أنه يطالب في الوقت نفسه الجمعيات والمنظمات الإسلامية بأن تعيد النظر في بنيتها وهيكلتها الأساسية. إلباي جوفرجن حاور البروفيسور أوجار.
"المؤتمر الإسلامي الألماني" الثالث:
ضرورة المحافظة على تعددية المسلمين
أظهر "المؤتمر الإسلامي الألماني" الثالث من جديد أنَّ الجدال الدائر حول إضفاء الطابع المؤسساتي على الإسلام ودمجه في ألمانيا في شكل منظمة مركزية واحدة لا يطرح فقط أسئلة حول قدرة هذه المنظمة المطلوبة سياسيًا على تمثيل الإسلام والمسلمين في ألمانيا، بل يحمل مخاطر توظيف الإسلام سياسيا. تعليق لؤي المدهون.