شكوك عقائدية ومخاوف سياسية



غير أن الجدل يكون أكثر حدة عندما يتعلق الأمر بفكر القبيسيات الديني وطريقتهن في العبادة. وتحمل هذه الطريقة أفكار الطريقة النقشبتدية الصوفية، التي ترأسها مفتي سوريا السباق أحمد كفتارو، وذلك وفق كتاب أسامة السيد، الذي يحمل "التنظيم السري الخطير منيرة القبيسى". وتقوم هذه الطريقة على "الإيمان بالحلول ووحدة الوجود ما يعني أن روح الله تحل في البشر والكائنات الأخرى". وهو ما يؤكده كتاب "مزامير داود"، أحد أقدم مؤلفات الجمعية.
كما يؤكد الأخير على أنه كلما تفانت التلميذة في طاعة آنستها أو شيختها القبيسية يزداد اقترابها من الله ورسوله. وبموجب ذلك تقوم التلميذات القبيسيات بتقديس الشيخة وإطاعتها وعدم مناقشتها والتسابق إلى تقبيل يدها كما يفعل الصوفيون تجاه شيوخهم. كما أنهن يمجدن أئمة الصوفيين القائلين بفكرة الحلول أمثال محي الدين ابن عربي والحلاج، وهذا ما جعلهن موضع اتهام بالانحراف عن عقيدة أهل السنة ومخالفة القرآن لأنه الله منزّل عن أي وصف وتشبيه حسب هذه العقيدة.
غير أن زكريا سلوايه، عضو مجلس الشعب وإمام جامع العجان في اللاذقية، يرى بأن ما يُقال عن القبيسيات "افتراء لأن المدرسة الصوفية هي "لتذكية النفس وتطهيرها وهن يسلكن هذه الطريق". ويرى محمد حبش أيضا بأن صلاة القبيسيات "لا تختلف على الإطلاق عن صلاة أهل الجماعة والسنة، ولا تعتبر التقاليد الصوفية معارضة لتقاليد أهل السنة والجماعة".
طاعة صارمة للشيخة
وعلى صعيد الممارسة تتبع القبيسيات طريقة تمجّد الشيخة أو الآنسة القبيسي والآنسات اللواتي يتسلمن مناصب قيادية. ويصل هذا التمجيد من قبل المنتميات للجمعية إلى حد الانصياع لأوامر الشيخة ولو على حساب العلاقات الزوجية كما تقول سمر، إحدى القبيسيات اللواتي انشققن عن الجمعية. "يجب أن تقّبل التلميذة يد شيختها وتجلس على الأرض منحنية أمامها، وتشرب فضلات الماء من كأسها، وأن تكون كالميتة بين يديها وإذا ما خيرت بين خدمة الجمعية وترك الزوج فعليها اختيار هذه الخدمة"، كما تؤكد سمر لدويتشه فيله.
وتوافقها في الرأي "رباب"، التي تركت الجمعية لأنها تفرض تقاليد طاعة مبالغ فيها وتتعارض مع قيم الحرية الفردية. إلا أن عضو مجلس الشعب السوري والمفكر الإسلامي محمد حبش ينفي ما يقال من أن تلميذات منيرة القبيسي ينصعن لأوامرها حتى ولو على حساب بيوتهن" المجتمع السوري يرحب بالآنسات اللواتي تربين على يد منيرة وعلى احترامها وطاعتها من مبدأ احترام المعلم الكبير، والكثير من الشباب السوري يفضل الزواج هؤلاء الآنسات كونهن تربين على حب الزوج".
التركيز على الميسورات وصاحبات النفوذ
تعود تسمية جمعية أو حركة "القبيسيات إلى مؤسستها منيرة القبيسي (75 سنة) وهى تلميذة شيخ الطريقة النقشبندية ومفتي الجمهورية السابق أحمد كفتارو، الذي أشار عليها بالدخول إلى هذه الطريقة الصوفية، وقد بدأت القبيسي نشاطها في السبعينات من القرن الماضي.
ويُقدر عدد المنتميات إلى الجمعية حاليا بأكثر من 75 ألف تلميذة في سوريا وخارجها. ويطلق عليهن في الأردن الطّباعيات نسبة إلى شيختهن فادية الطباع، وفي لبنان السّحريات نسبة إلى شيختهن سحر حلبي. وفي الكويت يسمين "بنات البيادر". ولهن بعض الانتشار في بلاد الاغتراب الأوروبية والأمريكية وفي وأستراليا بحكم زواجهن من مغتربين هناك.
ومن سمات القبيسيات تركيز دعوتهن على الفتيات الميسورات اللواتي يتمتعن بنفوذ وبمكانة اجتماعية في المجتمع، وهو أمر فرضته إلى حد ما ظروف نشأة الجمعية في الأحياء الدمشقية الراقية، حسب الدكتور حبش. أما مدّرس التربية الدينية عامر سيوف فيرى أن هذا التركيز هادف كونه يساعدهن على تحقيق أهدافهن في الإشراف على أكبر عدد ممكن من المساجد والمؤسسات التعليمية.
عفراء محمد – دمشق
مراجعة: لؤي المدهون
حقوق النشر: قنطرة 2010
قنطرة
جمعيات نسائية باطنية في سوريا باسم الإسلام:
"القبيسيات" يعملن لاختراق مراكز القرار
انتشار الحجاب هو أبرز سمات ظاهرة التدين في سوريا خلال السنوات الماضية. الهدف المشترك للأخوات الناشطات في الجمعيات التابعة "للقبيسيات"هو إعادة نشر الإسلام، أما النظام السوري فمن الظاهر أَنَّه لا يدرك تمامًا كيف ينبغي له أَنْ يتعامل مع هذه الظاهرة: هل يشجِّعها، أَم يستخدمها كوسيلة، أَم يمنعها؟ تقرير بقلم منى سركيس
"برهان العسل" لسلوى النعيمي:
اعترافات إيروتيكية بريشة نسائية
لم يسبق في تاريخ الأدب العربي أن بيعت حقوق ترجمة كتاب إلى اللغات الأخرى بمثل هذا المقابل المادي العالي كما حدث مع كتاب السورية سلوى النعيمي "برهان العسل". "هذا الكتاب يستلهم نسق كتب الجنس في التراث العربي ولكن في إطار من الحداثة السردية. شتيفان فايدنر في قراءة نقدية لهذا الكتاب.
محمد شحرور:
لا أمل في إصلاح سياسي دون إصلاح ديني!
الصورة: ماركوس كيرشكاسنر فرض المفكر الإسلامي السوري الدكتور محمد شحرور نفسه على الساحة الثقافية الإسلامية بقوة منذ صدور كتابه الموسوعي "الكتاب والقرآن ـ قراءة عصرية" الذي طرح فيه نظرة جديدة للإسلام من خلال المنهج اللغوي كما دعا فيه إلى فقه جديد في قضية المرأة المسلمة. وقد تعرض شحرور في الآونة الأخيرة إلى حملة إعلامية شديدة وصلت إلى حد المطالبة بمحاكمته بسبب ما اعتبر انتقاص من شأن الرسول ومن أحكام إسلامية وردت في القرآن والسنة. في الحوار التالي يطالب شحرور بإصلاح ديني جذري في العالم العربي