الإسلام لا يعرف حدودا ثقافية أو جغرافية

"النسوية الإسلامية تقوم على نصوص من القرآن ونصوص دينية أخرى، وهي ليست نتاجا مستوردا من الغرب أو من الشرق، إنها خطاب عالمي"، حوار مع المؤرخة الخبيرة في الشرق الأوسط وقضايا المرأة مارغوت بدران.

​​النسوية الإسلامية تقوم على نصوص من القرآن ونصوص دينية أخرى، وهي ليست نتاجا مستوردا من الغرب أو من الشرق، إنها خطاب عالمي"، حوار مع المؤرخة الخبيرة في الشرق الأوسط وقضايا المرأة مارغوت بدران.

ما المقصود ب " النسوية الإسلامية"، وما الفرق بينها وبين " النسوية لدى المسلمين"؟

مارغوت بدران: "النسوية الإسلامية" خطاب يهتم بالمرأة والجنسانية، يتأسس على نصوص دينية، أهمها الآيات القرآنية. ولكنها تتعلق أيضا بسلوكيات يومية وشعائر دينية حددها القرآن، تدخل ضمنيا في نطاق هذا الجدل.

أما "النسوية لدى المسلمين" فلا يروق لي استخدام هذا المصطلح، وهو نادر الاستخدام على وجه العموم. وقد تكون المرأة المسلمة من دعاة النسوية وتستخدم هذا الخطاب. وقد تكون مبنية على أسس مختلفة، منها القومية (عربية كانت أو مصرية أو تركية أو قومية أخرى)، أو الإسلامية أو المتعلقة بحقوق الإنسان أو الديمقراطية. وهذه الأسس تمس كل إمرأة بطريقة شخصية. إنه خطاب خاص بها ومصبوغ بخبراتها وثقافاتها.

ودعني أستشهد بمثال تاريخي من فترة الإحتلال البريطاني وأوائل الفترة التي تلتها، حيث كافحت دعاة النسوية من النساء المصريات جنبا إلى جنب من أجل الحق في التعليم، وكن - سواء مسلمات أو قبطيات - يستخدمن حجج قومية.

وفي الوقت نفسه كانت مسلمات نسويات يطرحن أيضا حجج أخرى إسلامية على الساحة لتسويغ موضوعهن، لأنهن يرون أن طريق العلم مفتوح أمام جميع المؤمنين في الإسلام.

ولما كان الأمر يتعلق بإصلاح قانون الأحوال الشخصية للمسلمين، كانت ذلك حملة إسلامية بزعامة نساء مسلمات نسويات، وكن يستخدمن في ذلك حجج إسلامية فقط حتى يستطعن الوصول إلى قوانين متقدمة مبنية على أسس الشريعة الإسلامية. (...)

كيف تتعامل نسويات إسلاميات مع المبادئ الفقهية التي تبدوا مجحفة فيما يتعلق بحقوق المرأة؟

بدران: إن النساء الفقيهات – سواء كن من دعاة النسوية أو ممن يحبذن الإجتهاد – يدركن عداوة الفقه التقليدي - التي لا تقاس - تجاه المرأة. ولا بد من تفسير جديد للقرآن يكون أساسا لإصلاح الفقه.

والفقيهات – أمثال عزيزة الهبري – جعلن همهن الفتاوي بطريقة مباشرة. أما فيما يتعلق بالأحاديث النبوية، فأصبح كثير من الناس على علم بأعمال السيدة فاطمة مرنيسي، التي اتخذت الأساليب الكلاسيكية منهجا لها في تفسير الأحاديث النبوية المتعلقة بدور المرأة والجنسانية.

وقد أثبتت في أعمالها أن هناك العديد من الأحاديث إما ضعيفة أو موضوعة، وأن بعض الأحاديث الصحيحة قد عولجت بعيدا عن السياق. كما أصبح الكثير من النساء يقمن باختبار الأحاديث ويكتشفن أن كثيرا منها لا تتفق مع مبادئ الإسلام.

كيف تواجهين النقد الذي يقول بأن النسوية الإسلامية ما هي إلا نتاج مستورد من الغرب وأنها تشويه وفهم خاطئ للدين كما كان السلف الصالح يفهمه؟

بدران: النسوية الإسلامية تقوم على نصوص من القرآن ونصوص دينية أخرى، وهي ليست نتاجا مستوردا من الغرب أو من الشرق، إنها خطاب عالمي. هناك الكثير من الآيات القرآنية – وبصفة خاصة في سورة "النور" - تشير إلى عالمية الإسلام ولا تعرف حدودا جغرافية ولا ثقافية.

والأشكال التي تتخذها دعوة النسوية الإسلامية كحركة من الحركات مصبوغة بصبغة محلية، فهي تنشأ إذا من الداخل. وسأسرد لك مثالين على ذلك: كانت في مصر حملة استمرت مدة طويلة من أجل تولي المرأة وظيفة القاضي، على الرغم من عدم وجود ما يمنع المرأة من تولي القضاء من الناحية الدينية. وأخيرا انتصرت المرأة وتم تعيين ثلاثة من النسوة في منصب القاضي لأول مرة في يناير/كانون الثاني من هذا العام.

وفي جنوب إفريقيا كافحت المسلمات من أجل مشاركتهن في صلاة الجماعة بشكل أفضل على أن يكن بجانب أزواجهن بدلا من الصلاة خلفهم أو في مكان منعزل عنهم. كما كن يطالبن بإلقاء المحاضرات قبل خطبة الجمعة. وقد نجحن في تحقيق مطالبهن، وأصبح وضعا بديهيا - في مسجد كليرمنود مين رود بمدينة كابستادت على سبيل المثال - أن تلقي المرأة محاضرة قبل صلاة الجمعة.

أجرى الحوار يوغندر سيكاند
ترجمة عبد اللطيف شعيب
حقوق الطبع قنطرة 2005

مارغوت بدران أستاذة بجامعة جورج تاون بواشنطن، وحاليا أستاذة زائرة في معهد الدراسات الإسلامية الحديثة في لايدن بهولندا.

قنطرة

الإسلام النسوي
تستعين نساء مسلمات في كفاحهن من أجل التحرر والمساواة ومن أجل التخلص من النظرة التقليدية النمطية بالقرآن وبالتاريخ الإسلامي، ويعارضن جزئياً التفسير المتوارث للقرآن. المزيد في الملف التالي