لا عراة في الفردوس!

يناقش البرلمان الإندونيسي حاليًا مسودة قانون تتناول منع التصوير الإباحي. في حال المصادقة على المسودة، فسيصبح تبادل القبلات في الأماكن العامة أو حركات الرقص الإيروتيكية آنئذ سببا لعقوبة بالسجن. تقرير كتبته كريستينا شوت

يناقش البرلمان الإندونيسي حاليًا مسودة قانونتتناول منع التصوير الإباحي الذي يمتد ليشمل كل شيء في الحياة. في حال المصادقة على المسودة بشكلها الراهن، فسيصبح تبادل القبلات في الأماكن العامة أو حركات الرقص الإيروتيكية آنئذ سببا لعقوبة شديدة بالسجن. تقرير كتبته كريستينا شوت

​​أرجوحة هوليودية، مصنوعة من مقعد عربة حنطور، تتأرجح قبالة مرآة ضخمة في ظلمة وانية. في الخلفية غابة من الجنة، يقف فيها رجل عار وامرأة عارية، يُستعادان باستمرار في أوضاع مختلفة. التعابير بعيدة كل البعدعن الإباحية وكذلك الوضعيات. فالأعضاء التناسلية مغطاة بدقة بدوائر بيضاء.

الرسمة تذكر بالبراءة المفقودة في جنة عدن. هذا العمل الفني يحمل عنوان “Pinkswing Park” وهو من إبتكار الفنانين الإندونيسيين "أغوس سواج" و "دافي لينجر" وقد عرضاه في بينالي CP جاكرتا في سبتمبر/ أيلول 2005، وهو المعرض الدولي للفن المعاصر الأكثر أهمية في إندونيسيا.

لم يتوقع الفنانون وموديلات الرسم والقيّمون العامّون، بأي شكل من الأشكال، أنْ يكونوا بعد المعرض بفترة وجيزة محط نقاش حاد حول الأفلام والصور الإباحية Pornography. وبما أنّ ممثل المسلسلات المعروف "أنجازمارا" كان قد وقف موديلاً اثناء صناعة العمل الفني، فقد توافد عدد من الصحافيين إلى المعرض الذي لا يلقى عادةً سوى إهتمام متواضع من قِبل قطاع عريض من المواطنين.

لم يكن آدم وحواء عاريين

وبعد أسبوعين اقتحم 250 شخصًا من أتباع الجبهة الدفاعية الإسلامية FPIالمعرض معتبرين العمل الفني عرضًا تجديفيًا لآدم وحواء. وفي هذه الغضون غدت القضية جُرمًا، وبات يتهدد "سواج" وزملاءه عقوبة بالسجن لمدة خمس سنوات بدعوى صناعة الصور الخلاعية المحظورة.

طامتهم الكبرى أنّ البرلمان يناقش حاليًا مسودة قانون خلافية تتناول التصوير الإباحي، وبهذا يغدو العمل الفني قضية تجريبية. أما في حال المصادقة على المسودة بشكلها الراهن، فسيصبح تبادل القبلات في الأماكن العامة أو حركات الرقص الإيروتيكية آنئذ مدعاةً لعقوبة بالسجن شديدة، وكذلك الأمر بالنسبة لعرض أجزاء من الجسد تغوي (مثل الأوراك والصرة والديكولتيه) في الأفلام والأغاني والكتب والصور الفوتوغرافية أو اللوحات المرسومة.

ويقول حبيب رزق زعيم "الجبهة الدفاعية الإسلامية" (FPI) ، أحد أشد الداعين لمسودة القانون: أنّ "التقنيات الفنية في هذه الأعمال المبتدعة لا تعنينا. المسألة مسألة تصوير خلاعي، وطالما بقيت هذه الأعمال بمتناول العامة فهي تخرب أخلاق شعبنا".

"الجبهة الدفاعية الإسلامية" ومجموعات وأحزاب إسلامية أخرى يعبئون حاليًا من خلال المظاهرات الحاشدة والفعاليات الأخرى ضد إصدار مجلة "بلاي بوي" إندونيسية هي قيد التخطيط. فيما تُصادِر الشرطة أثناء حملات التفتيش كميات كبيرة من أفلام الفيديو Hardcore-VCDs والأفلام الإباحية وما يسمى بمجلات الرجال ومنها "إف إتش إم" و "رولينغ ستون".

أما "بلكان كابلالة" رئيس اللجنة البرلمانية التي تعمل على مسودة القانون فهو على ثقة تامة من أنّ القوانين الخاصة بالصور الإباحية سوف تصبح قيد التنفيذ في حزيران/يونيو القادم. ويقول "كابلالة" بهذا الصدد: "على غير هذا النحو لا يمكننا منع صدور مجلة "بلاي بوي". وصدور مجلات من هذا النوع في إندونيسيا يعتبر بمثابة قنبلة موقوتة. فمن يضمن لنا عدم وصولها لأيدي أولادنا؟ ما من شأنه أنْ يجعل الجيل القادم جيلاً فاسدًا".

الصرخة المضادة

الصرخة تأتي من منظمات حقوق المرأة. وهن يتخوفن من أنْ تصبح المرأة مجرد جسد يجب أنْ يوضع تحت الرقابة الدائمة. وينتقدون علاوة على ذلك قلة الوضوح في تعريف الصور الإباحية. وبهذا الصدد تقول المدافعة عن حقوق المرأة "غاديز أريفا": "كانت النساء في إندونيسيا ترتدي الملابس الفاتنة دائمًا، فحتى زيِّنا التقليدي يُكسِم الجسم. ولا علاقة لهذا القانون بتقاليدنا. ولا زال بعض النسوة في بالي وباباوا يستحممن عاريات النهود".

كذلك الأمر بالنسبة لمدير مصلحة السياحة في بالي "غيدة نورجايا"، فهو قلق أيضًا. إذ لن تتحمل الجزيرة الإستجمامية، المتضررة سياحيًا في الوقت الراهن، أنْ يُعتقل السياح الأجانب في المستقبل لأنهم يأخذون حمام شمس على الشاطئ. ويشير نورجايا: إلى أنّه "من الممكن أنْ تصبح حتى الرقصات والفنون التقليدية غير شرعية بحسب القانون الجديد".

الناشطات في مجال حقوق المرأة والفنانون وممثلو الصناعات الترفيهية يرون في الحركة المضادة للصور الإباحية جزءا من برنامج يسعى لتحويل إندونيسيا المتعددة الأعراق إلى دولة إسلامية. حيث تستخدم الصور الإباحية كرمز للحضارة الغربية، التي يعتقد كثيرٌ من المسلمين بأنها تريد تحطيم حضارتهم في خضم العولمة.

"أغوس سواج" مقتنع بأنّ قضيته تُستخدم لتصبح نموذجًا يضرب المثل به. الأب البالغ من العمر 47 عامًا أسس في هذه الأثناء مع فنانين آخرين حركة خاصة ليواجهوا التطور الحاصل: "جمعية الفن الإندونيسي من أجل الحقوق المدنية""Indonesian Arts Community for Civil Liberties" التي نشرت بيانًا في نهاية شباط/فبراير تدافع فيه عن حرية التعبير الفني.

ويحذر "سواج" قائلاً: "لا تقتصر خطورة هذه القوانين على الفنانين وحسب، بل تهدد مجالات أخرى كثيرة في مجتمعنا". ويضيف: "لا أعتقد ببساطة أنّ صورةً ما يمكنها أنْ تغيِّر القناعات الأخلاقية لإنسان ما. فالأخلاق تنبعث من سريرة كل إنسان بمفرده".

كريستينا شوت
ترجمة يوسف حجازي
حقوق الطبع قنطرة 2006

قنطرة

العدو من الداخل
رغم أن الأساليب التي يستخدمها "حزب الرخاء والعدالة" ذات طابع سلمي فإن استراتيجيته تخدم مصالح الإرهابيين، حسب رأي سعدانند دومه. فكلما أيقن الناس بأن الحداثة هي المشكلة الحقيقية وبأن الإسلام وحده يملك الإجابة على كافة الأسئلة، أصبح الاحتمال أكثر ورودا بجعل المتطرفين داخل الحزب يلجؤون إلى العنف يوما ما.

حيث يمتزج الإسلام بطقوس قديمة
رغم أن الغالبية الساحقة من سكان أندونيسيا يعتنقون الإسلام، إلا أن الممارسات الدينية في مختلف أرجاء البلاد خليط معتقدات إسلامية، هندوسية، بوذية وعادات وطقوس قديمة.

فتاوى متشددة في إندونيسيا
أصدر مجلس علماء إندونيسيا فتاوى جديدة تثير نقاشا حادا داخل الرأي العام الإندونيسي. ويعترض على ذلك بصورة خاصة مسلمون معتدلون وممثلو منظمات إسلامية ليبرالية.