ما من إصلاح سياسي بدون إصلاح ثقافي

ثمة اتفاق بين الخبراء منذ زمن طويل على أنه لا يمكن للإصلاحات السياسية في العالم العربي أن تؤدي الى نتائج مرضية ما لم ترافقها إصلاحات موازية في مجالي الثقافة والتعليم. فقد أنتهت دراسة أجريت مؤخرا على الكتب المدرسية ونظم التعليم الى نتائج تبعث على القلق. تقرير كتبه منصف سليمي.

​​ثمة اتفاق بين الخبراء منذ زمن طويل على أنه لا يمكن للإصلاحات السياسية في العالم العربي أن تؤدي الى نتائج مرضية ما لم ترافقها إصلاحات موازية في مجالي الثقافة والتعليم، وهي إصلاحات ينبغي توضيحها وجعل الناس يقتنعون بها. فقد أنتهت دراسة أجريت مؤخرا على الكتب المدرسية ونظم التعليم الى نتائج تبعث على القلق. تقرير كتبه منصف سليمي:

قامت بهذه الدراسة منظمة "حقوق الإنسان لروابط التربية" الأمريكية غير الحكومية بالتعاون مع منظمات مدنية في المغرب. وكانت أهم النتائج التي أسفرت عنها هذه الدراسة هي أن الكتب المدرسية والنظم السائدة في مجال التعليم بالمغرب تسهم في التمييز ضد المرأة والأقليات هناك.

فالدراسة تشير الى وجود أخطار ذات علاقة بهذا التمييز، متوصلة بشكل مباشر إلى أن مثل هذا الخلل في مجال التعليم يمثل خطرا على المدى البعيد بالنسبة للاستقرار والتنمية ليس في المغرب فحسب وإنما في كل بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

غياب التوعية

كانت المغرب هي المحور الأول لهذه الدراسة التي يفترض أن تعقبها في المستقبل دراسات مثيلة عن بلدان عربية أخرى، حيث أجريت الدراسة على خمسين خطة تعليمية في المغرب بهدف إثبات مدى تلاؤم قيم مثل المساواة بين الرجل والمرأة في تلك الخطط التعليمية وكذلك أيضا ما يتعلق بإحترام الأقليات. وقد تم عرض نتائج هذه الدراسة في نهاية ديسمبر / كانون الأول عام 2005 في مدينة الرباط وفيما بعد في المعهد الأمريكي للسلام بواشنطن في الثاني عشر من يناير / كانون الثاني 2006.

يريد صابر عبد الرحيم المدير الإقليمي لمنظمة هيومان رايتس لروابط التربية في شمال إفريقيا أن يثير الإنتباه الى هذا الموضوع الذي لم يحظ حتى الآن بشيء من الإهتمام، منبها على وجه الخصوص المسؤولين عن تطوير خطط التعليم الى خطر الوضع الحالي. وهو يعبر عن ذلك بقوله:

"إن دور الكتب الدراسيبة لا ينحصر في نقل المادة التعليمية فقط، بل يسهم أيضا في توعية المواطنين. وقد حاولنا البحث عن الخلل في الكتب المدرسية خاصة تلك التي تساعد على تعلّم قيم حقوق الإنسان مثل مادة اللغة العربية والتربية الدينية والتاريخ والفنون واللغة الفرنسية".

وجدير بالذكر أن نسبة النساء بين القائمين على تأليف الكتب المدرسية في المواد الست المذكورة هي حوالي 13%، بينما تبلغ نسبة الرجال 87%. وتنتهي الدراسة إلى أنه لم تكن لدى الناشرين أي رغبة في مشاركة النساء في تأليف الكتب المدرسية. كما تدل النتائج على أن صورة المرأة لم تظهر في المواد التعليمية كمتحررة ونشيطة في المجتمع. وعلاوة على ذلك فإن الموضوعات الإجتماعية في الكتب المدرسية توحي بأن الرجل هو الوحيد المسؤول عن الأسرة ومصدر الرزق لها.

ويرى الباحثون أن خطط التعليم تعكس قلة الإنفتاح الثقافي والديني، إذ أنها تعكس وجهة نظر المغربي العربي المسلم فحسب، بدون اعتبار للأقليات العرقية أو الدينية. وبناء على ذلك تم اختزال بعض الأجزاء المهمة لهوية المغرب الثقافية.

حقوق الأقليات

كما يرى الخبراء أن عدم ذكر الأقليات في الكتب الدراسية يؤدي إلى زعزعة الإستقرار السياسي في البلاد، كما هو الحال في السودان الذي ظل يعاني من ويلات الحرب الأهلية على مدى ثلاثة عقود جراء عدم الإعتراف بحقوق الأقلية المسيحية هناك. وكذلك الوضع في العراق الذي يقف أمام تحديات كبيرة ناتجة عن نزاعات ترجع إلى أسباب دينية وعرقية. وهناك بلدان عربية أخرى على هذا المنوال مثل سوريا ولبنان ومصر وبلدان المغرب العربي التي تنعدم فيها الحقوق الثقافية للبربر.

يقول صابر عبد الرحيم: "إنه لمن السهل التأكد من وجود التطرف الديني في الكتب المدرسية خاصة في مادتي التربية الدينية واللغة العربية التي تخلو من أية إشارة صريحة إلى قيم مثل التسامح واحترام حقوق الآخرين. فالكتب التعليمية في المغرب مليئة بصور متكررة عن المغاربة ولا تذكر أي شيء عن البربر ولا عن المغاربة اليهود أو الزنوج. مع أن الأقليات العرقية والدينية موجودة في العالم العربي".

بقلم منصف سليمي
ترجمة عبد اللطيف شعيب
حقوق طبع النسخة العربية قنطرة 2006

قنطرة

النساء في وسائل الإعلام
الحالة المعيشية للنساء في أوروبا وفي العالم العربي وعرضها في وسائل الإعلام، كانت موضوع الحوار الإعلامي الأَلماني-العربي الذي عقد مؤخرًا في الرباط. يقوم معهد العلاقات الخارجية الأَلماني في شتوتغارت منذ عدّة سنين بدعم الحوار الإعلامي ما بين إعلاميين من أوروبا والعالم العربي. تقرير مارتينا صبرا.

عائشة شينة: الإسلام في القلب والعالم في العقل
فازت السيدة المغربية عائشة شينة بجائزة اليزابيت نورغال تقديرا لشجاعتها الفائقة في الدفاع عن النساء ضد اللأحكام الإجتماعية القاسية، ولجهودها الإنسانية في تأسيس جمعية التضامن النسوي، التي ترعى النساء وأطفالهن غير الشرعيين. مارتينا صابرا قامت بزيارتها في الدار البيضاء.