إلى أين يذهب السلفيون بمصر الثورة؟
يرى الدكتور نبيل عبد الفتاح، رئيس مركز الأهرام للدراسات التاريخية والاجتماعية، أن خطابات العنف وتغليظ العقوبات الحكومية لن تؤتي ثمارها لوقف الطائفية في مصر، ويطالب بدراسة المكونات الدينية والثقافية والتعليمية والتاريخية المكونة لها. ويرى، مؤلف كتاب "سياسيات الأديان"، أن ظهور السلفيين بحدة في المجال السياسي وتضخم ذات الإخوان المسلمين، بالإضافة إلى التربيطات السرية الجارية بين بعض الفصائل السياسية وسلطة المجلس العسكري والحكومة الانتقالية، كلها عوامل تؤدي إلى غياب الرؤى السياسية. ويضيف "إذا أضفنا لكل ذلك الأداء اللاسياسي لرئيس الوزراء وبعض وزرائه، سيعني هذا تكرار الأحداث بشكل مؤكد".
ليست ثورة مضادة أو انتقام الهامش

ويضيف عمرو عبد الرحمن بأن هذا الدور يعني الإقرار بسلطة الكنيسة فيما يتعلق بالأحوال الشخصية ومجمل جوانب الحياة الخاصة للمواطنين. وهنا يكمن الجذر التاريخي لسلطة الكنيسة اليوم والتي ينتقدها بعض رموز التيار الإسلامي متناسين أن تصورهم عن الهوية الوطنية يعيد إنتاج هذه السلطة بشكل دائم.
غزل أجهزة الأمن مع السلفيين

انكشاف خراب دولة الرعايا

يرى نبيل عبد الفتاح أن انكشاف المجتمع بعد الثورة علي نظام سياسي خرب، يؤدي إلي زيادة التضاغطات الدينية المتبادلة. وهو يعتقد أن عودة السلفيين إلى المشهد العام لن يوقفه أي قانون أو عقوبات. فالإسلاميون حاضرون منذ منتصف العشرينيات، وأمن الدولة استخدمهم في عصر مبارك لتحجيم الدور المتنامي لرجال الدين المسيحي في سيطرتهم علي الأقباط. ويضيف الدكتور عبد الفتاح "نحن إذن أمام أوضاع تراكمت عبر الزمن، واختلالات هيكلية في علاقة بقايا الدولة مع المواطنين. نحن نعيش دولة الرعايا لا دولة القانون، دولة قائمة علي التمييز الديني والنوعي".
ويشخص الباحث عمرو عبد الرحمن، في حديثه مع دويتشه فيلة ملامح الأزمة قائلا:" يتعلق الأمر بصياغة المشروع الوطني المناهض للاستعمار نفسه. فقد نحى هذا المشروع في مواجهته مع الاستعمار منحى الهوية، ومن ثم فمواجهة الاستعمار ارتبطت دائماً بفكرة الإحياء سواء في وجهها العروبي أو في وجهها الوطني المشوب بصبغة إسلامية". ويقول إن هذا المشروع قبل الأقباط- بصفتهم الطائفية- كشركاء في الوطن على قدم المساواة مع المسلمين، إلا أن صياغته لمشروعه ألقت بظلال الشك بشكل دائم على الأقباط من ناحية ولائهم السياسي. وحسب رأيه، فإن علاقات الأقباط مع الكنائس الغربية وبعثات التبشير، ثم توجهات أعيان الأقباط وانحيازهم ثقافيا، كلها كانت عوامل "تضع الأقباط في دائرة الشك والاتهام من قبل هذا التيار".
ابتزاز ولي الأمر الجديد
ويشرح الصحفي عمرو عزت تطبيق الأمر علي مستوى الجماعات السلفية موضحا أن لجم جماح تلك الجماعات كان قائما علي تصور فقهي مفاده "عدم الاصطدام مع أولي الأمر". ويقول "نحن الآن في مرحلة تهجين سياسي واسعة بين التنويعات المتداخلة للسلفيين، وما حدث في إمبابة، وفقا لتحقيقي، هو تهجين من نوع آخر: تهجين قائم علي اعتبار أهالي المناطق العشوائية للسلفيين ذاتا عليا لهم، وحين يتعرض هؤلاء لاعتداء، فهو اعتداء علينا حتى لو لم نكن مسلمين بالمعني الكامل، على خلفية حي ينتمي معظم أبنائه للصعيد فيحملون السلاح، والمشهد بمجمله وارد تكراره في أكثر من مكان بتعديلات طفيفة في السيناريو، أيا كانت العقوبات أو القوانين الناتجة عن الحادثة الأولى.
هاني درويش – القاهرة
مراجعة: عبد الرحمن عثمان
حقوق النشر: دويتشه فيله 2011