تحرك ديني في الهند ضد الإرهاب الإسلامي

من منبع شعورهم بالالم من نعت المسلمين الدائم بـــ "الارهابيين" بدأ العلماء المسلمون من أتباع المدرسة التقليدية في الهند بحملة تؤكد على ان الاسلام دين سلام وليس دين عنف. تقرير كُلديب كومار.

نزع مسلمو الهند عن انفسهم ثوب المتفرج الصامت، اذ عبروا عن نبذهم لأعمال العنف التي تُنفذ ضد الأبرياء باسم الإسلام من قبل منظمات مسلحة محلية أو أجنبية. وجاء هذا بعد تفجيرات معبد "سانكات موشان" في السابع من آذار/مارس 2006، أحد المعابد الهندوسية الثلاثة المقدسة في فاراناسي.

فتوى تشجب الارهاب

في ليل الثالث عشر من آذار/مارس 2006 أصدر مولانا خالد رشيد من دار الافتاء في "فرنجي محل" في لكنو فتوى يشجب فيها أعمال العنف ضد الأماكن المقدسة واصفاً منفذيها بأعداء الإسلام.

مولانا خالد رشيد هو رجل دين ذو مكانة عالية وعلامة اسلامي تتمتع مؤسسته بصيت ذائع كونها مركزاً لتدريس تعاليم الدين الإسلامي ولأنها شاركت في نشر العلم على مدى ثلاثة قرون خلت.

كتب المفكر المعروف فرنسيس روبنسون في كتابه "علماء فرنجي محل والثقافة الاسلامية في جنوب آسيا" ان جذور عائلة مولانا تمتد من العلامة الكبير المتصوف "خواجة عبد الله الانصاري" من هيرات حتى أبي أيوب الأنصاري الذي استضاف النبي محمد في المدينة.

وقد خصص السلطان المغولي أورنغزب بيت تاجر أوروبي في لنكو لأسلاف هذا العالم وأكد على دعم نشاطاتهم التعليمية. انتقلت عائلته الى هذا البيت الذي بات يعرف بأسم "فرنجي محل" في عام 1695.

بعد مرور يومين على الانفجارات الثلاثة التي انتهكت سلام أكثر أماكن الحج الهندوسية قدسية في وسط فاراناسي والتي راح ضحيتها عشرون قتيلاً والعديد من الجرحى، اتصل رجل الأعمال سيد عمر (32 عاماً) والمقيم في لنكو بمولانا رشيد لمعرفة حكم الإسلام على الذين يتهجمون على أماكن مقدسة ويقتلون الأبرياء بدم بارد بإسم الإسلام.

الإسلام لا يساند الارهاب

وما كان على مولانا إلا ان أصدر فتوى مفادها انه لا مكان للارهاب في الاسلام، وأن الذين يقدمون على قتل الأبرياء كأنهم قتلوا الناس جميعاً. واستشهد بالآية الثانية والثلاثين من سورة المائدة: ".... من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً....".

وقال مولانا خالد رشيد مشيراً الى النبي محمد وخلفائه الراشدين: "من الجدير بالذكر ان النبي لم يلجأ الى العنف حتى مع هؤلاء الذين هاجموه. كان يحاول الا يتسبب بأي أذى جسماني لأي كان. وكان تماما ضد الحاق أي ضرر ولو بسيط بالاماكن المقدسة التابعة لأية ديانة كانت".

وتأكيداً على أن "الإسلام كان يشدد على السلام والتفاهم" أضاف مولانا في فتوته، "اذا اعتدى أي مسلم على اي مكان مقدس أو انغمس في قتل الأبرياء فهذا العمل يعتبر من وجهة النظر الإسلامية من أبشع الأعمال التي يمكن القيام بها وسيكون وفقاً للشريعة عملا مخالفا للقانون على الاطلاق".

مظاهرات نسائية كانت المحرك

بعد صدور هذه الفتوى أعلن المفتي تيسير الدين من دار الـ "مجيدية" للإفتاء، مؤسسة اسلامية أخرى، أن هذه الاعتداءات لا تمت للإسلام بأية صلة. واضاف أن الإرهاب كان يعتبر جريمة في الاسلام ولا يجوز غض النظر عنه.

جاء هذا بعد ان قامت نساء مسلمات بتظاهرة في فاراناسي تندد بالاعتداءات وتنادي رجال الدين المحليين باصدار فتوى بهذا الشأن.

ورأى سيد شاه بدر الدين قادري الجيلاني، رئيس هيئة علماء السنة لعموم الهند، أن استعمال الأسماء المقدسة للإخلال بالسلام يعتبر عملاً لا يحترم الإسلام. وتابع قائلاً إن الدين الذي حرم إلحاق الأذى بشجرة أو بحيوان لا يمكن أن يتغاضى عن قتل الأبرياء باسم الجهاد.

وقال مولانا مستان علي، مدير جماعة المؤمنات، أحد أقدم المراكز الاسلامية النسائية في جنوب الهند ومقرها حيدراباد: "اذا كان الارهابيون لا يمكنهم ترك طريق العنف فعليهم ترك توقيعهم على فعلتهم كي لا تتهم الأمة الاسلامية برمتها".

وكان قد أصدر فتوى يوم الأحد الماضي تحرم استخدام اسماء الله الحسنى من قبل الجماعات المسلحة. وكانت جماعة تطلق على نفسها اسم "عسكر قهار" قد أعلنت مسؤوليتها عن اعتداءات فاراناسي. ويُذكر أن "قهار" هو أحد الأسماء التي أُطلقت على رسول الله.

بقلم كُلديب كومار
ترجمة منال عبد الحفيظ شريده
حقوق طبع النسخة العربية القنطرة 2006

قنطرة

حوار مع خالد أبو الفضل : العمليات الانتحارية ليست جهادا
هل يمكننا اعتبار العمليات الانتحارية وسيلة حرب مشروعة لمواجهة الهيمنة الغربية؟ خالد أبو الفضل، أستاذ القانون الإسلامي في جامعة كاليفورنيا، يرى أن العمليات الانتحارية مخالفة لمفهوم الجهاد ويجب مقاومة الهيمنة الغربية بالعلم والتكنولوجيا.